للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الحدث، وكما أقيم لمسُ المرأة لشهوةٍ (١) مقام الحدَث.

وأيضًا فإن مسَّ الذكر يوجب [٢٩٨/أ] انتشار حرارة الشهوة وثورانها في البدن، والوضوء يطفئ تلك الحرارة، وهذا مشاهَد بالحسِّ. ولم يكن الوضوء من مسِّه لكونه نجسًا، ولا لكونه مجرى النجاسة حتى يورد السائل مسَّ العَذِرة والبول. ودعواه بمساواة مسِّ الذكر للأنف من أكذب الدعاوي وأبطل القياس. وبالله التوفيق.

فصل

وأما قوله: «أوجب الحدَّ في القطرة الواحدة من الخمر دون الأرطال الكثيرة من البول»، فهذا أيضًا من كمال هذه الشريعة، ومطابقتها للعقول والفطر، وقيامها بالمصالح. فإن ما جعل الله سبحانه في طباع الخلق النفرةَ (٢) عنه ومجانبتَه اكتفى بذلك عن الوازع عنه بالحدِّ، لأن الوازعَ الطَّبْعيَّ (٣) كافٍ في المنع منه.

وأما ما يشتدُّ تقاضي الطباع له فإنه غلَّظ العقوبة عليه بحسب شدة تقاضي الطبع له، وسدَّ الذريعة إليه من قرب وبعد، وجعل ما حوله حِمًى، ومنع من قربانه. ولهذا عاقب في الزنا بأشنع القتلات، وفي السرقة بإبانة اليد، وفي الخمر بتوسيع الجلد ضربًا بالسوط، ومنع (٤) قليل الخمر وإن


(١) في النسخ المطبوعة: «بشهوة».
(٢) كذا في النسخ الخطية والمطبوعة بدلًا من «من النفرة».
(٣) في النسخ المطبوعة: «الطبيعي».
(٤) زاد بعده في المطبوع: «من».