للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فيه للضرورة، ولا يباح لها الصلاة ولا الاعتكاف فيه وإن كان منذورًا، ولو حاضت المعتكفة خرجت من المسجد إلى فنائه فأتمَّت اعتكافها ولم يبطل.

وهذا يدل على أن منع الحائض من الطواف كمنعها من الاعتكاف، وإنما هو لحرمة المسجد لا لمنافاة الحيض لعبادة الطواف والاعتكاف، ولما كان الاعتكاف يمكن أن يُفعل في رحبة المسجد وفِنائه جُوِّز لها إتمامه فيها لحاجتها، والطواف لا يمكن إلا في المسجد، وحاجتها في هذه الصورة إليه أعظم من حاجتها إلى الاعتكاف، بل لعل حاجتها إلى ذلك أعظم من حاجتها إلى دخول المسجد واللبث فيه لبردٍ أو مطرٍ أو نحوه.

وبالجملة فالكلام في هذه الحادثة في فصلين؛ أحدهما: في اقتضاء قواعد الشريعة لها لا منافاتها لها، وقد تبين ذلك بما فيه كفاية. والثاني: في أن كلام الأئمة وفتاويهم في الاشتراط أو الوجوب إنما هو في حال القدرة والسعة لا في حال الضرورة والعجز. فالإفتاء بها لا ينافي نصَّ الشارع ولا قول الأئمة، وغايةُ المفتي بها أنه يقيِّد مطلقَ كلام الشارع بقواعد شريعته وأصولها، ومطلقَ كلام الأئمة بقواعدهم وأصولهم، فالمفتي بها موافق [١٠/أ] لأصول الشرع وقواعده ولقواعد الأئمة، وبالله التوفيق.

فصل

المثال السابع: أن المطَلِّق في زمن النبي - صلى الله عليه وسلم - وزمن خليفته أبي بكر الصديق (١) وصدرًا من خلافة عمر كان إذا جمع الطلقات الثلاث بفمٍ واحد جُعِلَتْ واحدةً، كما ثبت ذلك في الصحيح عن ابن عباس؛ فروى مسلم في


(١) «الصديق» من ز.