للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الذَّنَب الطويل (١) وراءه كذنَب الأتان، وهذَر (٢) باللسان، وخلا له الميدان الطويل من الفرسان.

فلو لبِس الحمارُ ثيابَ هذا (٣) ... لقال الناس: يا لك من حمار!

وهذا الضرب إنما يُستفتَون بالشكل لا بالفضل، وبالمناصب لا بالأهلية. قد غرَّهم عكوفُ من لا علم عنده عليهم، ومسارعةُ مَن أجهلُ منهم إليهم. تعِجُّ منهم الحقوق إلى الله عجيجًا، وتضِجُّ منهم الأحكام إلى من أنزلها ضجيجًا.

فمَن أقدَم بالجرأة على ما ليس له بأهل من فتيا أو قضاء أو تدريس استحقَّ اسم الذم، ولم يحِلَّ قبولُ فتياه ولا قضائه. هذا حكم دين الإسلام.

وإن رغِمَتْ أنوفٌ من أناس ... فقل: يا ربِّ لا تُرغِمْ سواها

الفائدة السادسة والعشرون في حكم كذلكة المفتي: ولا يخلو من حالين: إما أن يعلم صوابَ جوابِ مَن تقدَّمه بالفتيا، أو لا يعلم. فإن علِم صوابَ جوابه فله أن يُكَذْلِكَ. وهل الأولى له (٤) الكذلكة، أو الجواب المستقل؟ فيه تفصيل. فلا يخلو المبتدئ إما أن يكون أهلًا أو متسلِّقًا متعاطيًا ما ليس له بأهل. فإن كان الثاني فتركُ (٥) الكذلكة أولى مطلقًا، إذ في كذلكته


(١) يعني: طرف عمامته. وفي النسخ المطبوعة: «الذوائب الطويلة».
(٢) الذال مهملة في غ.
(٣) كذا في النسخ الثلاث. يقصد ثياب هذا الرجل الذي وصفه. وفي النسخ المطبوعة: «ثياب خَزٍّ»، وهي الرواية، والظاهر أن المصنف تصرَّف فيها. انظر: «الأمثال المولدة» للخوارزمي (ص ٣٣٨) و «التمثيل والمحاضرة» (ص ٣٤٥).
(٤) «له» ساقط من ب.
(٥) في النسخ المطبوعة: «فتركه».