وكحيل اليهود وإخوانهم من الرافضة فإنهم بيت المكر والاحتيال، ولهذا ضُرِبت على الطائفتين الذلةُ، وهذه سنة الله في كل مخادعٍ محتال بالباطل.
ثم أرباب هذه الحيل نوعان: نوع يَقصد به حصول مقصوده، ولا يُظهِر أنه حلال، كحيل اللصوص وعُشّاق الصور المحرمة ونحوهما، ونوع يُظهِر صاحبه أن مقصوده خير وصلاح ويُبطِن خلافه.
وأرباب النوع الأول أسلمُ عاقبةً من هؤلاء؛ فإنهم أَتوا البيوتَ من أبوابها والأمرَ من طريقه ووجهه، وأما هؤلاء فقلَبوا موضوع الشرع والدين، ولما كان أرباب هذا النوع إنما يباشرون الأسباب الجائزة ولا يُظهِرون مقاصدهم أَعضلَ (١) أمرُهم، وعظُم الخَطْب بهم، وصعُب الاحتراز منهم، وعزَّ على العالم استنقاذُ قتلاهم، فاستُبيحت بحيلهم الفروج، وأُخذت بها الأموال من أربابها فأُعطِيت لغير أهلها، وعُطِّلت بها الواجبات، وضُيِّعت بها الحقوق، وعَجَّت الفروج والأموال والحقوق إلى ربها عجيجًا، وضجَّت مما حلّ بها إليه ضجيجًا.
ولا يختلف المسلمون أن تعليم هذه الحيل حرام، والإفتاء بها حرام، والشهادة على مضمونها حرام، والحكم بها مع العلم بحالها حرام، والذين جوَّزوا منها ما جوَّزوه من الأئمة لا يجوز أن يُظَنّ بهم أنهم جوَّزوه على وجه الحيلة إلى المحرّم، وإنما [١١٠/ب] جوَّزوا صورة ذلك الفعل. ثم إن المتحيل المخادع المكَّار أخذ صورة ما أفتوا به فتوسَّل به إلى ما مَنعوا منه، وركَّب ذلك