للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وذهب الأكثرون من أصحاب مالك والشافعي وأحمد وغيرهم إلى أنه يصلح لإبقاء الأمر على ما كان عليه. قالوا: لأنه إذا غلب على الظن انتفاءُ الناقل غلب على الظن بقاءُ الأمر على ما كان عليه.

ثم النوع الثاني: استصحاب الوصف المثبِت للحكم حتى يثبت خلافه، وهو حجة، كاستصحاب حكم الطهارة وحكم الحدَث، واستصحاب بقاء النكاح وبقاء المِلك وشَغْل الذمة بما تشتغل (١) به حتى يثبت خلاف ذلك. وقد دلَّ الشارعُ على تعليق الحكم به في قوله في الصيد: «وإن وجدتَه غريقًا فلا تأكله، فإنك لا تدري: الماءُ قتَله أو سهمُك» (٢)، وقوله: «وإن خالطها كلاب من غيرها فلا تأكل، فإنك إنما سمَّيتَ على كلبك، ولم تسمِّ على غيره» (٣). لما كان (٤) الأصل في الذبائح التحريم، وشكَّ هل وُجِد الشرط المبيح أم لا= بقَّى (٥) الصيدَ على أصله في التحريم. ولما كان الماء طاهرًا في الأصل بقَّاه (٦) على طهارته ولم يُزِلْها بالشكّ. ولما كان الأصل بقاء المتطهِّر [٢٠٥/ب] على طهارته لم يأمره بالوضوء مع الشكِّ في الحدث، بل


(١) س: «تشغل»، وكذا في النسخ المطبوعة.
(٢) أخرجه البخاري (٥٤٨٤) ومسلم (١٩٢٩) من حديث عدي بن حاتم.
(٣) انظر الحديث السابق في «صحيح البخاري» (١٧٥) و «صحيح مسلم» (١٩٢٩/ ٣، ٥).
(٤) هذا آخر ما في نسخة برنستون (س) الناقصة الآخر.
(٥) يعني: الشارع. ورسم الكلمة فيما عدا ع: «بقا» بالألف الممدودة، والقراءة الصحيحة للجملة كما أثبت. وفي النسخ المطبوعة: «بقي الصيدُ»، وانظر التعليق التالي.
(٦) في جميع النسخ كما أثبت. وفي النسخ المطبوعة: «فالأصل بقاؤه»، ولعله تغيير من بعض الناشرين لما قرأ «بقاه»: بقاؤه.