للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يفقِّهه في الدين ويعلِّمه التأويل (١). والفرق بين الفقه والتأويل: أن الفقه هو فهم المعنى المراد، والتأويل إدراك الحقيقة التي يؤول إليها المعنى، التي هي آخيَّته (٢) وأصله. وليس كلُّ من فقه في الدين عرف التأويل، فمعرفة التأويل يختصُّ به الراسخون في العلم. وليس المراد به (٣) تأويل التحريف وتبديل المعنى، فإن الراسخين في العلم يعلمون بطلانه، والله يعلم بطلانه.

فصل (٤)

والناس انقسموا في هذا الموضع إلى ثلاث فرق:

فرقة قالت: إن النصوص لا تحيط بأحكام الحوادث، وغلا بعض هؤلاء حتى قال: ولا بعُشْرِ معشارها (٥). قالوا: فالحاجة إلى القياس فوق الحاجة إلى النصوص. ولَعَمرُ الله إنَّ هذا مقدار النصوص في فهمه وعلمه ومعرفته، لا مقدارها في نفس الأمر. واحتجَّ هذا القائل بأن النصوص متناهية، وحوادث العباد غير متناهية، وإحاطة المتناهي بغير المتناهي ممتنع (٦). وهذا احتجاج فاسد جدًّا من وجوه:


(١) سبق تخريجه.
(٢) تقدم تفسيرها. ويريد أن المعنى يدور حول تلك الحقيقة.
(٣) «به» ساقط من ح، ف.
(٤) قارن هذا الفصل بكلام شيخ الإسلام في القاعدة المذكورة (ص ٢٧٤ - ٢٧٦) ضمن «جامع المسائل»، المجموعة الثانية. فإنما هو مأخوذ منه مع بعض الزيادات. وكذلك الفصول التالية.
(٥) انظر: «البرهان» للجويني (٢/ ١٥، ٣٧).
(٦) انظر: «أصول السرخسي» (٢/ ١٣٩) و «الفروق» للقرافي (١/ ٨).