للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأزواج. ولعلها تتذكر زوجها فيها، وترغب في رجعته، ويزول ما عندها من الوحشة. ولو قيل: «إن اعتداد المختلعة بثلاث حِيَض لهذا المعنى بعينه» لكان حسنًا على وفق حكمة الشارع. ولكن هذا مفقود في المسبيَّة والمهاجِرة والزانية والموطوءة بشبهة.

فإن قيل: فَهبْ أن هذا كلَّه قد سلِم لكم، فكيف يسلَم لكم في الآيسة والصغيرة التي لا يوطأ مثلها؟

قيل: هذا إنما يرِد على من جعَل علةَ العدَّة مجرد براءة الرحم فقط. ولهذا أجابوا عن هذا السؤال بأن العدة هاهنا شُرعت تعبدًا محضًا غيرَ معقول المعنى. وأما مَن جعل هذا بعض مقاصد العدَّة، وأن [٢٩١/أ] لها مقاصد أُخَر من تكميل شأن هذا العقد، واحترامه وإظهار خطره وشرفه= فجُعِل له (١) حريمٌ بعد انقطاعه بموت أو فرقة. فلا فرق في ذلك بين الآيسة وغيرها، ولا بين الصغيرة والكبيرة؛ مع أن المعنى الذي طُوِّلت له العدَّةُ في الحائض في الرجعية والمطلقة ثلاثًا موجودٌ بعينه في حقِّ الآيسة والصغيرة. وكان مقتضى الحكمة التي تضمَّنت النظر في مصلحة الزوج في الطلاق الرجعي، وعقوبته وزجره في الطلاق المحرَّم التسويةَ بين النساء في ذلك. هذا ظاهرٌ جدًّا، وبالله التوفيق.


(١) يعني: «للعقد». في النسخ المطبوعة: «لهم»، وكأنَّ من غيَّر «له» أراد إصلاح السياق بإعادة الضمير إلى «من جعل»، وكون الفاء في «فجعل» داخلة على جواب «أمَّا». والحق أنه زاد السياق اختلالًا. ويبدو لي ــ والله أعلم ــ أن «وأن» في قوله: «وأن لها مقاصد أخر» تصحيف «قال». فيكون السياق هكذا: «وأما من جعل هذا بعض مقاصد العدَّة قال: لها مقاصد أخر ... ».