للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذلك"، هذا لفظه (١).

ونصوص رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أجلُّ عند الإمام أحمد وسائر أئمة الحديث من أن يُقدِّموا عليها توهُّمَ إجماعٍ (٢) مضمونُه عدمُ العلم بالمخالف. ولو ساغ هذا لتعطلَّت النصوص، وساغ لكلِّ من لم يعلم مخالفًا في حكم مسألة أن يُقدِّم جهلَه بالمخالف على النصوص. فهذا هو الذي أنكره الإمام أحمد والشافعي من دعوى الإجماع، لا ما يظنه بعض الناس أنه استبعاد لوجوده (٣).

فصل

الأصل الثاني من أصل فتاوى الإمام [١٦/أ] أحمد: ما أفتى به الصحابة، فإنه إذا وجد لبعضهم فتوى لا يُعرَف له مخالفٌ منهم فيها لم يَعْدُها إلى غيرها. ولم يقل: إنَّ ذلك إجماع، بل من ورعه في العبارة يقول: لا أعلم شيئًا يدفعه، أو نحو هذا، كما قال في رواية أبي طالب (٤): لا أعلم شيئًا يدفع قولَ ابن عباس (٥) وابن عمر (٦) وأحد عشر من التابعين عطاء ومجاهد وأهل


(١) وانظر كلام الإمام أحمد في الردِّ على مدعي الإجماع برواية أصحابه الآخرين كالمرُّوذي وأبي طالب وغيرهما في "كتاب الصلاة" (١٧١ - ١٧٢) و"مختصر الصواعق" (٤/ ١٦٣٥ - ١٦٣٦).
(٢) في المطبوع: "ما تُوُهِّم إجماعًا".
(٣) وانظر المصدرين المذكورين آنفًا.
(٤) ذكرها الزركشي في "شرح الخرقي" (٥/ ١٣٢) وابن مفلح في "المبدع" (٧/ ١٧٩) بلفظ مختلف. وانظر: "المغني" (٩/ ٤٧٤).
(٥) يُنظر: "السنن الكبير" (٧/ ١٥٢)، و"معرفة السنن والآثار" للبيهقي (٥/ ٢٧٢).
(٦) رواه البيهقي في "السنن الكبير" (٧/ ١٥٢)، ويُنظر: "معرفة السنن والآثار" (٥/ ٢٧١ - ٢٧٢)، و"التمهيد" لابن عبد البر (١٣/ ٢٩٦).