للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فإن قيل: فالنبي (١) - صلى الله عليه وسلم - قد جعل جِدَّ النكاح كهزله (٢)، وغاية هذا أنه هازل.

قيل: هذا ليس بصحيح، وليس هذا كالهازل؛ فإن الهازل لم يُظهر أمرًا يريد خلافه، بل تكلم باللفظ قاصدًا أن لا يلزمه مُوجَبُه، وذلك ليس إليه، بل إلى الشارع، وأما هذا فماكر مخادع للمرأة على نفسها، مظهرًا (٣) أنها زوجته وأن الزوجية بينهما باقية وهي أجنبية محضة؛ فهو (٤) يمكُر بها ويخادعها بإظهار أنها زوجته وهي في الباطن أجنبية؛ فهو كمن يمكُر برجل يخادعه على أخذ ماله بإظهار أنه يحفظه له ويصونه ممن يذهب به، بل هذا أفحش؛ لأن حرمة البُضْع أعظم من حرمة المال، والمخادعة عليه (٥) أعظم من المخادعة على المال، والله أعلم.

فصل

ومن الحيل الباطلة الحيلة على وطء مكاتبته بعد عقد الكتابة، قال أرباب الحيل: الحيلة في ذلك أن يهبها لولده الصغير، ثم يتزوجها وهي على مِلك ابنه، ثم يكاتبها لابنه، ثم يطأها بحكم النكاح، فإن أتت بولد كانوا أحرارًا؛ إذ ولده قد ملَكَهم، فإن عجزت عن الكتابة عادت قِنًّا (٦) لولده


(١) ز: «النبي». ك: «فإن النبي».
(٢) تقدم تخريجه.
(٣) كذا في النسخ منصوبًا على أنه حال.
(٤) «فهو» ساقطة من ك.
(٥) «عليه» ساقطة من ك.
(٦) القِنّ: العبد الذي كان أبوه مملوكًا لمواليه، ومثله الأمة.