للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فصل

وأما قوله: «ونقض الوضوء بمسِّ الذكر دون سائر الأعضاء، ودون مسِّ العذِرة والبول»، فلا ريب أنه قد صح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - الأمرُ بالوضوء من مسِّ الذكر (١)، وروي عنه خلافه، وأنه سئل عنه، فقال للسائل: «هل هو إلا بضعة منك» (٢).

وقد قيل: إن هذا الخبر لم يصح. وقيل: بل هو منسوخ. وقيل: بل هو محكم دالٌّ على عدم الوجوب. وحديث الأمر دالٌّ على الاستحباب. فهذه ثلاثة مسالك للناس في ذلك.

وسؤال السائل ينبني على صحة حديث الأمر بالوضوء وأنه للوجوب. ونحن نجيبه على هذا التقدير، فنقول: هذا من كمال الشريعة وتمام محاسنها. فإن مسَّ الذكر مُذَكِّر بالوطء، وهو في مظنة الانتشار غالبًا، والانتشار الصادر عن المسِّ في مظنة خروج المذي ولا يشعر به. فأقيمت هذه المظنة مقام الحقيقة لخفائها وكثرة وجودها، كما أقيم النوم مقام


(١) رواه أحمد (٢٧٢٩٣)، وأبو داود (١٨١)، والترمذي (٨٢، ٨٣، ٨٤) وصححه، وابن ماجه (٤٧٩)، والنسائي (١٦٣، ١٦٤) من حديث بُسرة بنت صفوان مرفوعا.
وصححه أيضًا جماعة من الحفاظ؛ منهم: الإمام أحمد، وإسحاق بن إبراهيم الحنظلي، وابن خزيمة (٣٣)، وابن حبان (٩٨٨ - ٩٩٣)، والحاكم (١/ ١٣٦، ١٣٨). ويُنظر: «مسائل أبي داود الإمامَ أحمد» (١٩٦٦)، و «مسائل الكوسج» عن أحمد وإسحاق (٥٣، ١٠٩)، و «العلل» للدارقطني (١٥/ ٣١٣ - ٣٥٦)، و «تنقيح التحقيق» لابن عبد الهادي (١/ ٢٦٨ - ٢٧٤)، و «التلخيص الحبير» لابن حجر (١/ ٢١٣ - ٢٢١).
(٢) سبق تخريجه.