للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المثال الخامس بعد المائة: إذا كان له عليه دينٌ حالٌّ، فاتفقا على تأجيله، وخاف من عليه الدين أن لا يفي له بالتأجيل؛ فالحيلة في لزومه أن يفسخ العقد الذي هو سبب الدين الحالّ، ثم يعقده عليه مؤجلًا، فإن كان عن ضمان أو كان بدلَ مُتلَفٍ أو عن دية وقد حلّت أو نحو ذلك؛ فالحيلة في لزوم التأجيل أن يبيعه سلعةً بمقدار هذا الدين، ويؤجِّل عليه ثمنَها، ثم يبيعه المدين تلك السلعة بالدين الذي [١٤٧/أ] أجَّله عليه أولًا، فيبرأ منه، ويثبت في ذمته نظيرُه مؤجَّلًا.

فإن خاف صاحب الحق أن لا يفي له من عليه بأدائه عند كل نجم كما أجَّله؛ فالحيلة أن يشرط عليه أنه إن حلَّ نجمٌ ولم يؤدِّه قسطَه فجميع المال عليه حال، فإذا نجمه على هذا الشرط جاز، وتمكَّن من مطالبته به حالا ومنجمًا عند من يرى لزوم تأجيل الحال ومن لا يراه، أما من لا يراه فظاهر، وأما من يراه فإنه يجوز تأجيله بهذا الشرط، كما صرَّح به أصحاب أبي حنيفة، والله أعلم.

المثال السادس بعد المائة: إذا أراد المريض الذي لا وارثَ له أن يوصي بجميع أمواله (١) في أبواب البر، فهل له ذلك؟ على قولين، أصحهما: أنه يملك ذلك؛ لأنه إنما منعه الشارع فيما زاد على الثلث وكان له ورثة، فمن لا وارثَ له لا يُعتَرض عليه فيما صنع في ماله.

فإن خاف أن يُبطِل ذلك حاكم لا يراه، فالحيلة أن يقرَّ لإنسانٍ يثق بدِينه وأمانته بدَين يحيط بماله كله، ثم يوصيه إذا أخذ ذلك المال أن يضعه في


(١) ك، ب: «ماله».