للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تعالى الأمرية والقدرية، وظهرت حكمته الباهرة، وتجلت للعقول الزكية المستنيرة بنور ربِّها تبارك وتعالى (١).

والمقصود: أن المفتي جدير بأن (٢) يذكر بين يدي الحكم الغريب الذي لم يُؤلَف مقدماتٍ تُؤنس به، وتدلّ عليه، وتكون توطئةً بين يديه. وبالله التوفيق.

الفائدة الثامنة: يجوز للمفتي والمناظِر أن يحلِف على ثبوت الحكم عنده، وإن لم يكن حَلِفُه موجِبًا لثبوته عند السائل والمنازع؛ ليشعر السائل والمنازع له أنه على ثقة ويقين مما قال (٣)، وأنه غيرُ شاكٍّ فيه. فقد تناظر رجلان في مسألة، فحلَف أحدُهما على ما يعتقده، فقال له منازعه: لا يثبت الحكمُ بحلفك، فقال: إني لم أحلف لأُثبِت (٤) الحكمَ عندك، ولكن لأعلمك أني على يقين وبصيرة من قولي، وأن شبهتك لا تُغبِّر (٥) عندي في وجه يقيني بما أنا جازم به.

وقد أمر الله [١٨٩/أ] نبيَّه - صلى الله عليه وسلم - أن يحلف على ثبوت الحق الذي جاء به


(١) وانظر: «بدائع الفوائد» (٤/ ١٥٨٢ - ١٥٨٨)، و «زاد المعاد» (٣/ ٦٠ - ٦٢).
(٢) في النسخ المطبوعة: «أن».
(٣) في النسخ المطبوعة بعده زيادة: «له».
(٤) في ك: «إذ لم أحلف لا يثبت»، فوقع تحريف في موضعين. وفي الطبعات القديمة: «ليثبت»، وأثبت في المطبوع: «لأجل تثبيت». والظاهر أن كليهما تغيير في المتن.
(٥) ب: «تعتبر»، وفي (ك) والنسخ المطبوعة: «تغيِّر»، وكلاهما تصحيف ما أثبت من ز. قوله: «لا تغبِّر في وجه يقيني» أي لا تؤثِّر فيه.