للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بالضعيف عنده الباطل ولا المنكر، ولا ما في رُواته متَّهَم بحيث لا يسوغ الذهاب إليه والعمل به. بل الحديث الضعيف عنده قسيم الصحيح، وقسمٌ من أقسام الحسن. [١٦/ب] ولم يكن يقسم الحديث إلى صحيح وحسن وضعيف، بل إلى صحيح وضعيف، والضعيفُ (١) عنده مراتب (٢). فإذا لم يجد في الباب (٣) أثرًا يدفعه ولا قولَ صاحب، ولا إجماعَ على خلافه كان العملُ به عنده أولى من القياس. وليس أحد من الأئمة إلّا وهو موافقُه على هذا الأصل من حيث الجملة، فإنه ما منهم أحدٌ إلّا وقد قدَّم الحديثَ الضعيفَ على القياس.

فقدَّم أبو حنيفة حديث القهقهة في الصلاة (٤) على محض القياس، وأجمع أهل الحديث على ضعفه. وقدَّم حديثَ الوضوء بنبيذ التمر (٥) على


(١) ع: "وللضعيف".
(٢) وانظر: "الفروسية المحمدية" (ص ٢٠٣) و"منهاج السنة" (٤/ ٣٤١ - ٣٤٢)، و"مجموع الفتاوى" (١٨/ ٢٣ - ٢٥).
(٣) س، ت، ع: "الكتاب"، وكذا كان في ح، ثم صُحِّح في الحاشية.
(٤) رواه ابن عدي في "الكامل" (٤/ ١٠١، ١٠٢)، والدارقطني في "السنن" (١/ ١٦٤)، وللحديث طرق كثيرة جدا، لا يصح منها شيءٌ. ويُنظر: "الكامل" لابن عدي (٤/ ٩٩ - ١٠٥)، و"السنن" للدارقطني (١/ ٢٩٥ - ٣١٥)، و"السنن الكبير" للبيهقي (١/ ٢٢٥ - ٢٢٨)، و"تنقيح التحقيق" لابن عبد الهادي (١/ ٢٩٦ - ٣٠٧)، و"نصب الراية" للزيلعي (١/ ٤٧ - ٥٤)، و"البدر المنير" لابن النحوي (٢/ ٤٠٢ - ٤٠٦).
(٥) رواه أبو داود (٨٤)، والترمذي (٨٨)، وضعّفه.

قال ابن حجر في "الفتح" (١/ ٣٥٤): "وهذا الحديث أطبق علماء السلف على تضعيفه". ويُنظر: "العلل" لابن أبي حاتم (١٤، ٩٩)، و"العلل" للدارقطني (٥/ ٣٤٣ - ٣٤٧)، و"السنن الكبير" للبيهقي (١/ ١٤ - ١٨)، والأباطيل للجورقاني "١/ ٤٩٨ - ٥٠٢)، وتعليقة ابن أبي حاتم على العلل (ص ٢٩ - ٣٦).