للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هو يفصِّل القرآن ويفسِّره، فكيف يكون أحد من الأمة بعدَهم أولى بالصواب منهم في شيء من الأشياء؟ هذا عينُ المحال.

فإن قيل: فإذا كان هذا حكْمَ أقوالهم في أحكام الحوادث، فما تقولون في أقوالهم في تفسير القرآن؟ هل هي حجة يجب المصيرُ إليها؟

قيل: لا ريبَ أن أقوالهم في التفسير أصوبُ من أقوال مَن بعدهم، وقد ذهب بعض أهل العلم إلى أن تفسيرهم في حكم المرفوع، قال أبو عبد الله الحاكم في «مستدركه» (١): وتفسير الصحابي عندنا في حكم المرفوع. ومراده أنه في حكمه في الاستدلال به والاحتجاج، لا أنه إذا قال الصحابي في الآية قولًا فلنا أن نقول لذلك القول: هذا قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، أو قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.

وله وجه آخر, وهو أن يكون في حكم المرفوع بمعنى أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بيَّن لهم معانيَ القرآن وفسَّره لهم, كما وصفه الله سبحانه بقوله: {لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} [النحل: ٤٤] , فبيَّن لهم القرآن بيانًا شافيًا كافيًا. وكان إذا أشكل على أحدٍ منهم معنًى سأله عنه فأوضحه له، كما سأله الصدِّيق عن قوله تعالى: {مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ} [النساء: ١٢٣] فبيَّن له المراد (٢)، وكما


(١) كذا نقله المؤلف في «إغاثة اللهفان» (١/ ٤٢٥) و «حادي الأرواح» (٢/ ٦٧٩) و «تحفة المودود» (ص ٢١). والذي في «المستدرك» (٢/ ٢٥٨): «ليعلم طالب هذا العلم أن تفسير الصحابي الذي شهد الوحي والتنزيل عند الشيخين حديثٌ مسند». وانظر: «معرفة علوم الحديث» للحاكم (ص ٥٩).
(٢) تقدم تخريجه.