للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

النفس وسرعةِ قبولها وانقيادِها لما ضُرب لها مثلُه من الحقِّ أمرٌ لا يجحده أحدٌ ولا ينكره. وكلَّما ظهرت لها الأمثال ازداد المعنى ظهورًا ووضوحًا. فالأمثال شواهد للمعنى (١) المراد، ومزكِّية (٢) له. فهو (٣) {كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ} [الفتح: ٢٩]، وهي خاصَّةُ العقل ولبُّه وثمرتُه.

ولكن أين في الأمثال التي ضربها الله ورسوله على هذا الوجه، فهِمنا أن الصُّداق لا يكون أقلَّ من ثلاثة دراهم أو عشرة (٤) قياسًا وتمثيلًا على أقلِّ ما يُقطَع فيه السارق؟ هذا بالألغاز والأحاجيِّ أشبَهُ منه بالأمثال المضروبة للفهم! كما قال إمام الحديث محمد بن إسماعيل البخاري في "جامعه الصحيح" (٥) "باب من شبَّه أصلًا معلومًا بأصلٍ مبيَّن قد بيَّن الله حكمَهما لِيفهم السامع" (٦).

فنحن لا ننكر هذه الأمثال التي ضربها الله ورسوله، ولا نجهل ما أريد بها؛ وإنما ننكر أن يستفاد وجوبُ الدم (٧) على من قطع من جسده أو رأسه ثلاث شعرات أو أربعًا (٨) من قوله تعالى: {وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ فَمَنْ كَانَ


(١) ع: "المعنى"، وكذا في النسخ المطبوعة.
(٢) ع، ف: "مركبة". ت: "تزكية".
(٣) يعني: المعنى. وفيما عدا س: "وهي". وفي النسخ المطبوعة: "فهي".
(٤) "أو عشرة" لم ترد في ح، ف.
(٥) في كتاب الاعتصام قبل الحديث (٧٣١٤).
(٦) كذا في جميع النسخ الخطية والمطبوعة. وفي "الصحيح": "ليفهم السائل".
(٧) ح، ع، ف: "تحريم وجوب الدم".
(٨) ع: "أربع"، وكذا في النسخ المطبوعة.