للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذلك قبل تحريم الخمر، [١٨/ب] ولم يعُدْ بذلك كافرًا؛ لعدم القصد، وجريانِ اللفظ على اللسان من غير إرادة لمعناه.

فإيّاك أن تُهمِل قصد المتكلم ونيته وعُرفه، فتجني عليه وعلى الشريعة، وتنسب إليها ما هي بريئة منه، وتُلزِم الحالفَ والمقرَّ والناذر والعاقد ما لم يُلزِمه الله ورسوله به؛ ففقيه النفس يقول: ما أردتَ، ونصفُ الفقيه يقول: ما قلتَ؛ فاللغو في الأقوال نظير الخطأ والنسيان في الأفعال، وقد رفع الله سبحانه المؤاخذة بهذا وهذا، كما قال المؤمنون: {رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} [البقرة: ٢٨٦] فقال ربهم تبارك وتعالى: قد فعلتُ (١).

فصل

ومن هذا الباب اليمين بالطلاق والعتاق؛ فإن إلزام الحالف بهما إذا حَنِثَ بطلاق زوجته وعِتْق عبده مما حدث الإفتاء به بعد انقراض عصر الصحابة؛ فلا يُحفظ عن صحابي في صيغة القسم إلزامُ الطلاق به أبدًا، وإنما المحفوظ إلزام الطلاق بصيغة الشرط والجزاء الذي قصد به الطلاق عند وجود الشرط، كما في «صحيح البخاري» (٢) عن نافع قال: طلَّق رجل امرأته البتةَ إن خرجت، فقال ابن عمر: «إن خرجت فقد بانت منه، وإن لم تخرج فليس بشيء». فهذا لا ينازع فيه إلا من يمنع وقوع الطلاق المعلَّق


(١) رواه مسلم (١٢٦) من حديث ابن عباس - رضي الله عنهما -.
(٢) معلقًا بصيغة الجزم (٩/ ٣٩٢)، ولم يذكر الحافظ مَن وصَله في «الفتح» ولا في «تغليق التعليق» (٤/ ٤٥٦).