للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الثاني: أنه حذّر من محدثات الأمور، وأخبر أن كلّ محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة، ومن المعلوم بالاضطرار أنّ ما أنتم عليه من التقليد الذي تُرِك له كتاب الله وسنة رسوله، ويُعرض القرآنُ والسنة عليه، ويُجعل معيارًا عليهما= من أعظم المحدثات والبدع التي برَّأ الله سبحانه منها القرونَ الثلاثة (١) التي فضّلها وخيّرها على غيرها.

وبالجملة فما سنَّه الخلفاء الراشدون أو أحدهم للأمة فهو حجة لا يجوز العدولُ عنها، فأين هذا من قول فرقة التقليد: ليست سنتهم [٣٢/ب] حجة، ولا يجوز تقليدهم فيها؟

يوضّحه الوجه الخمسون: أنه - صلى الله عليه وسلم - قال في نفس هذا الحديث: «فإنه مَن يَعِشْ منكم بعدي فسيرى اختلافًا كثيرًا» (٢)، وهذا ذمٌّ للمختلفين، وتحذيرٌ من سلوك سبيلهم، وإنما كثر الاختلاف وتفاقم أمره بسبب التقليد، وأهلُه هم الذين فرَّقوا الدين وصيّروا أهله شِيَعًا، كل فرقة تنصر متبوعها وتدعو إليه، وتذمُّ من خالفها ولا يرون العمل بقولهم، حتى كأنهم ملة أخرى سواهم، يدأبون ويكدحون في الرد عليهم، ويقولون: كتبُهم وكتبنا، وأئمتهم وأئمتنا، ومذهبهم ومذهبنا.

هذا، والنبي واحد والقرآن واحد والدين واحد والرب واحد؛ فالواجب على الجميع أن ينقادوا إلى كلمة سواءٍ بينهم كلهم: أن لا يطيعوا إلا الرسول، ولا يجعلوا (٣) معه من تكون أقواله كنصوصه، ولا يتخذَ بعضهم


(١) «الثلاثة» ليست في ت، ع.
(٢) تقدم تخريجه.
(٣) ت: «يجعلون».