للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[فالحيلة] (١) أن يقول: «فلان وفلان وصيّانِ، فإن لم يقبل أحدهما وقبل الآخر فالذي قبِلَ هو الوصي»، فيجوز على قول الجميع؛ لأنه لم يعلِّق الولاية بالشرط.

قالوا: ولو أراد ذمي أن يُسلِم وعنده خمر كثير، فخاف أن يذهب عليه بالإسلام؛ فالحيلة أن يبادر ببيعها من ذمي آخر ثم يسلم، فإنه يملك تقاضِيَه بعد الإسلام، فإن بادر الآخر وأسلم لم يسقط عنه ذلك. وقد نصّ عليه الإمام أحمد في مجوسي باع مجوسيًّا خمرًا ثم أسلما: يأخذ الثمن، قد وجب له يومَ باعَه.

قال أرباب الحيل: فهذا رَهنُ الفِرَقِ عندنا بأنهم قالوا بالحيل وأفتوا بها، فماذا يُنكرون علينا بعد ذلك ويُشنعون؟ ومثالنا ومثالهم في ذلك كقوم وجدوا كنزًا فأصاب كل منهم طائفةً منه في يديه، فمستقلٌ ومستكثرٌ، ثم أقبل بعض الآخذين يَنقِمُ على بقيتهم، وما أخذه من الكنز في يديه، فلْيرمِ بما أخذ منه ثم لْينكرْ على الباقين.

قال المبطلون للحيل: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله، فسبحان الله الذي فرض الفرائض وحرّم المحارم وأوجب الحقوق رعايةً لمصالح العباد في المعاش والمعاد، وجعل شريعته الكاملة قيامًا للناس، وغذاء لحفظ حياتهم، ودواء لدفع أدوائهم، وظلّه الظليل الذي من استظلَّ به أَمِنَ من الحَرور (٢)، وحِصنه


(١) زيادة ليستقيم السياق.
(٢) أي حرّ الشمس.