للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

طاعةً للمعبود، ولم يؤمر إلا بهذا. وإذا كان هذا هو المأمور به فلم يأت به بقي في عهدة الأمر.

وقد دلَّت السنَّة الصريحة على ذلك، كما في قوله - صلى الله عليه وسلم -: «يقول الله عزَّ وجلَّ يوم القيامة: أنا أغنى الشُّركاء عن الشرك، فمن عَمِل عملاً أشرك فيه (١) غيري فهو كلُّه للذي أشرَكَ به» (٢). وهذا هو معنى قوله تعالى: {فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا} [الكهف: ١١٠].

فصل

وقوله: «فما ظنُّك بثوابٍ عند الله في عاجلِ رزقه وخزائنِ رحمته». يريد به تعظيم جزاء المخلص، وأنه رزقٌ عاجلٌ إما للقلب أو للبدن أو لهما، ورحمةٌ (٣) مدَّخَرة في خزائنه. فإن الله سبحانه يجزي العبدَ على ما عمِل من خير في الدنيا ولا بدَّ، ثم في الآخرة يوفِّيه أجرَه، كما قال تعالى: {وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} [آل عمران: ١٨٥]. فما يحصل في الدنيا من الجزاء على الأعمال الصالحة ليس جزاءَ توفيةٍ، وإن كان نوعَ أجرٍ (٤)، كما قال تعالى عن إبراهيم: {وَآتَيْنَاهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ} [العنكبوت: ٢٧]. وهذا نظير قوله تعالى: {وَآتَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ


(١) في المطبوع بعده زيادة «معي».
(٢) أخرجه مسلم (٢٩٨٥) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -.
(٣) معروف على «رزق». وفي النسخ المطبوعة: «ورحمته».
(٤) في النسخ المطبوعة: «نوعًا آخر»، تحريف.