للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وحده مقبول. فبقي قسم آخر، وهو أن يعمل العملَ لله ولغيره، فلا يكون لله محضًا ولا للناس محضًا، فما حكم هذا القسم؟ هل يبطل العمل كلُّه أم يبطل ما كان لغير الله، ويصحّ ما كان لله؟

قيل: هذا القسم تحته أنواع ثلاثة:

أحدها: أن يكون الباعث الأول على العمل هو الإخلاص، ثم يعرض له الرياء وإرادة غير الله في أثنائه. فهذا المعوَّل فيه على الباعث الأول، ما لم يفسَخه بإرادة جازمة لغير الله؟ فيكون حكمُه حكمَ قطع النية في أثناء العبادة وفسخها، أعني قطع ترك استصحاب حكمها.

الثاني عكس هذا، وهو أن يكون الباعث الأول لغير الله، ثم يعرض له قلبُ النية لله، فهذا لا يحتسب له بما مضى من العمل، ويحتسب له من حين قلب نيته. ثم إن كانت العبادة لا يصح آخرها إلا بصحة أولها وجبت الإعادة، كالصلاة، وإلا لم تجب كمن أحرَمَ لغير الله، ثم قلَبَ نيته لله عند الوقوف والطواف.

الثالث: أن يبتدئها مريدًا بها [٣٥١/أ] الله والناس، فيريد أداء فرضه، والجزاء والشكور من الناس. وهذا كمن يصلِّي بالأجرة، فهو لو لم يأخذ الأجرة صلَّى، ولكنه يصلِّي لله وللأجرة؛ وكمن يحجُّ ليسقط الفرض عنه، ويقال: فلان حجَّ؛ أو يعطي الزكاة لذلك؛ فهذا لا يُقبل منه العمل.

وإن كانت النية شرطًا في سقوط الفرض وجبت عليه الإعادة. فإن حقيقة الإخلاص التي هي شرطٌ في صحة العمل والثواب عليه لم توجد، والحكم المعلَّق بالشرط عدمٌ عند عدمه، فإن الإخلاص هو تجريد القصد