للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تقادم الزمان وإلى الآن، وكلَّ وقت تُترك سنة ويُعمل بخلافها ويستمرُّ عليها العمل، فخُذْ يسيرًا من السنة معمولًا به على نوع تقصير، وخُذْ بلا حُسْبانٍ ما شاء الله من سُنَنٍ قد أُهمِلتْ وعُطِّلَ العملُ بها جملة؛ فلو عمل بها من يعرفها لقال الناس: تَركتَ السنة!

فقد تقرَّر أن كل عمل خالف السنة الصحيحة لم يقع من طريق النقل البتةَ، وإنما يقع (١) من طريق الاجتهاد، والاجتهاد إذا خالف السنة كان مردودًا، وكل عمل طريقه النقلُ فإنه لا يخالف سنة صحيحة البتةَ.

فلنرجع إلى الأمثلة التي تُرِك فيها المحكم للمتشابه، فنقول:

المثال السابع والخمسون: تركُ السنة المحكمة الصحيحة في الجهر بآمين في الصلاة كقوله في «الصحيحين»: «إذا أمَّن الإمام فأمِّنوا فإنه من وافقَ تأمينُه تأمينَ الملائكة غُفِر له» (٢). ولولا جهره بالتأمين لما أمكن المأمومَ أن يؤمِّن معه ويوافقه في التأمين. وأصرحُ من هذا حديث سفيان الثوري عن سلمة بن كُهيل عن حُجْر بن عَنْبس عن وائل بن حجر قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا قال {وَلَا الضَّالِّينَ} قال: «آمين»، ورفع بها صوته. وفي لفظ: وطوَّل بها». رواه الترمذي وغيره (٣)، وإسناده صحيح.

وقد خالف شعبةُ سفيانَ في هذا الحديث فقال: «وخفَضَ بها


(١) ت: «تقع».
(٢) رواه البخاري (٧٨٠) ومسلم (٤١٠/ ٧٢) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -.
(٣) رواه أبو داود (٩٣٢) والترمذي وحسنه (٢٤٨) وأحمد (١٨٨٤٢)، وصححه الدارقطني (١٢٦٩).