للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

السُّهى (١) عاليةً. فإن وثق من نفسه بأنه من فرسان هذا الميدان، وجملة هؤلاء الأقران، فَلْيجلس مجلسَ الحكم بين الفريقين، ويحكُمْ بما يُرضي الله ورسوله بين هذين الحزبين؛ فإن الدين كلَّه لله، وإنِ الحكم إلا لله. ولا ينفع في هذا المقام: «قاعدةُ المذهب كيتَ وكيتَ»، و «قطع به جمهورٌ من الأصحاب»، و «تحصَّل لنا في المسألة كذا وكذا وجهًا»، و «صحَّح هذا القولَ خمسة عشر، وصحح الآخرَ سبعة». وإن علا نسبُ علمِه قال: «نصَّ عليه»، فانقطع النزاع، ولُزَّ (٢)

ذلك النصُّ في قَرَن الإجماع. والله المستعان، وعليه التكلان.

فصل

قال المتوسِّطون بين الفريقين: قد ثبت أن الله سبحانه أنزل (٣) الكتاب والميزان، فكلاهما في الإنزال أخوان، وفي معرفة الأحكام شقيقان. وكما لا يتناقض الكتاب في نفسه، فالميزان الصحيح لا يتناقض في نفسه. ولا يتناقض الكتاب والميزان، فلا تتناقض دلالة النصوص الصحيحة، ولا دلالة الأقيسة الصحيحة، ولا دلالة النص الصحيح والقياس الصحيح. بل كلُّها


(١) كوكب صغير خفيّ في وسط بنات نعش.
(٢) ع: «ولو»، تصحيف. وفي المطبوع: «ولزم»، ولعله من أخطاء الطبع. والمراد أنَّ نصَّ الإمام جُعِل مع الإجماع في قرَن واحد، كأنهما نِدَّان. يقال للبعيرين إذا قُرِنا في قرَن واحد: قد لُزَّا. ومنه قول جرير:
وابنُ اللبون إذا ما لُزَّ في قرَنٍ ... لم يستطع صولةَ البُزْل القناعيسِ

انظر: «ديوانه» (١/ ١٢٥).
(٣) في النسخ المطبوعة: «قد أنزل».