للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولا أجلَّ منهما. بل هما ساقا الإسلام، فقيامه (١) عليهما. وبهما بايَنَ العبدُ طريقَ المغضوب عليهم الذين فسد قصدُهم، وطريقَ الضالين الذين فسدت فهومُهم، ويصير من المنعَم عليهم الذين حسنت أفهامهم وقصودهم، وهم أهلُ الصراط المستقيم الذين أُمِرنا أن نسأل الله أن يهدينا (٢) صراطَهم في كلِّ صلاة.

وصحّةُ الفهم نورٌ يقذفه الله في قلب العبد، يميِّز به بين الصحيح والفاسد، والحقِّ والباطل، والهدى والضلال، والغيّ والرشاد. ويُمِدُّه (٣) حسنُ القصد، وتحرِّي الحق، وتقوى الربِّ في السرِّ والعلانية. ويقطع مادَّتَه (٤) اتباعُ الهوى، وإيثارُ الدنيا، وطلبُ محمَدة الخلق، وتركُ التقوى (٥).

ولا يتمكَّن المفتي ولا الحاكم من الفتوى والحكم بالحقِّ إلا بنوعين من الفهم: أحدهما: فهمُ الواقع، والفقهُ فيه، واستنباطُ علمِ حقيقة ما وقع بالقرائن والأمارات والعلامات حتى يحيط به علمًا. والنوع الثاني: فهم الواجب في الواقع. وهو فهمُ حكمِ الله الذي حكَم به في كتابه أو على لسان


(١) ع: "وقيامه"، وكذا في النسخ المطبوعة.
(٢) "أن يهدينا" استدركه بعضهم في طرَّة ح.
(٣) في حاشية ح كتب بعضهم: "ويعينه على"، وكذا في ف مكان "يمده". وفي ت تحرَّف "يمده" إلى "هذه"، فضرب عليه وكتب في الحاشية: "وتعينه على". وهذا من تصرُّف القراء.
(٤) يعني: مادة صحة الفهم. وقد غيَّره بعضهم في ح إلى "ما فيه".
(٥) وانظر: "مدارج السالكين" (١/ ٦٥).