للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفي «الصحيحين» (١) [٢٥/أ] عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: كان المؤمنات إذا هاجرن إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يمتحنهن بقول الله عز وجل: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَنْ لَا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا وَلَا يَسْرِقْنَ وَلَا يَزْنِينَ وَلَا يَقْتُلْنَ أَوْلَادَهُنَّ وَلَا يَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ} إلى آخر الآية [الممتحنة: ١٢]. قالت عائشة: فمن أقرَّ بهذا من المؤمنات فقد أقرّ بالمحنة، وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا أقررن بذلك من قولهن قال لهن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «انطلقن فقد بايعتكن». ولا والله ما مَسَّتْ يدَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يد امرأة قطُّ، غير أنه يبايعهن بالكلام. قالت عائشة: والله ما أخذ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على النساء قطُّ إلا بما أمره الله، وما مسَّتْ كفُّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كفَّ امرأة قطُّ، وكان يقول لهن إذا أخذ عليهن: «قد بايعتُكن كلامًا».

فهذه هي البيعة النبوية التي قال الله عز وجل فيها: {إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّمَا يَنْكُثُ عَلَى نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا} [الفتح: ١٠]، وقال فيها: {لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ} [الفتح: ١٨].

فأحدث الحجاج في الإسلام بيعةً غير هذه تتضمن اليمينَ بالله سبحانه والطلاق والعتاق (٢) وصدقة المال والحج؛ فاختلف علماء الإسلام في ذلك على عدة أقوال، ونحن نذكر تحرير هذه المسألة وكشفها؛ فإن كان مراد الحالف بقوله «أيمانُ البيعة تَلزمني» البيعةَ النبوية التي كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم -


(١) البخاري (٥٢٨٨) ومسلم (١٨٦٦/ ٨٨).
(٢) ز: «وللعتاق».