للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

زوجها بين إمساكها (١) بمعروف أو مفارقتها بإحسان، وهي الرجعيَّة قطعًا. فلم يذكر الأقراء وبدلها في حقِّ بائنٍ البتة.

القسم الثالث: من بانت عن زوجها، وانقطع حقُّه عنها بسبي، أو هجرة، أو خلع؛ فجعل عدَّتها حيضةً للاستبراء. ولم يجعلها ثلاثًا، إذ لا رجعة للزوج. وهذا في غاية الظهور والمناسبة.

وأما الزانية والموطوءة بشبهة، فموجَب الدليل أنها تستبرأ بحَيضةٍ فقط. ونصَّ عليه أحمد في الزانية (٢). واختاره شيخنا في الموطوءة بشبهة (٣)، وهو الراجح. وقياسهما على المطلَّقة الرجعية من أبعد القياس وأفسده.

فإن قيل: فهَبْ أن هذا قد سلِم لكم فيما ذكرتم من الصور، فإنه لا يسلَم معكم في المطلَّقة ثلاثًا؛ فإن الإجماع منعقد على اعتدادها بثلاثة قروء مع انقطاع حقِّ زوجها من الرجعة، والقصدُ مجرَّدُ استبراء رحمها.

قيل: نعم، هذا سؤال وارد. وجوابه من وجهين:

أحدهما: أنه قد اختلف في عدتها: هل هي بثلاثة قروء أو بقرء واحد؟ فالجمهور ــ بل الذي لا يعرف الناس سواه ــ أنها ثلاثة قروء. وعلى هذا فيكون وجهه أن الطلقة الثالثة لما كانت من جنس الأوليين (٤) أعطيت حكمهما، ليكون باب الطلاق كلُّه بابًا واحدًا، فلا يختلف حكمه. والشارع إذا


(١) في النسخ المطبوعة: «إمساك».
(٢) فيما حكاه ابن أبي موسى. وعنه رواية أخرى: أن عدَّتها عدة المطلقة. انظر: «الهداية» (ص ٤٨٥) و «المغني» (٩/ ٥٦٤).
(٣) انظر: «مجموع الفتاوى» (٣٢/ ١١١، ٣٤٠).
(٤) ت: «الأولتين». وفي ح، ع بالإهمال. وفي ف بالتاء والياء معًا.