للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فصل

وتجويز الحيل يناقض سدَّ الذرائع مناقضة ظاهرة؛ فإن الشارع يسدُّ الطريق إلى المفاسد بكل ممكن، والمحتال يفتح الطريق إليها بِحِيَلِهِ، فأين من يمنع من الجائز خشيةَ الوقوع في المحرَّم إلى من يعمل الحيلة في التوصل إليه؟ فهذه الوجوه التي ذكرناها وأضعافها تدلُّ على تحريم الحيل والعمل بها والإفتاء في دين الله بها.

ومن تأمل أحاديث اللعن وجد عامتها لمن استحلَّ محارم الله، أو أسقط فرائضه بالحيل، كقوله: «لعن الله المحلِّل والمحلَّل له» (١)، «لعن الله اليهود، حُرِّمت عليهم الشحومُ فجَمَلوها وباعوها وأكلوا ثمنها» (٢)، «لعن الله الراشي والمرتشي» (٣)، «لعن الله آكلَ الربا ومُوكِله وكاتبه وشاهدَه» (٤). ومعلوم أن الكاتب والشاهد إنما يكتب ويشهد على الربا المحتال عليه ليتمكن من الكتابة والشهادة بخلاف ربا المجاهرة الظاهر. ولعن في الخمر عشرةً: عاصرَها ومعتصرَها (٥)، ومعلوم أنه إنما عصَرَ عنبًا. ولعن الواصلة والمستوصلة والواشمة والمستوشمة، وقرن (٦) بينهما وبين آكل الربا


(١) تقدم تخريجه.
(٢) تقدم تخريجه.
(٣) تقدم تخريجه.
(٤) رواه مسلم (١٥٩٨/ ١٠٦) من حديث جابر - رضي الله عنه -. ورواه أبو داود (٣٣٣٣) من حديث ابن مسعود - رضي الله عنه - واللفظ له.
(٥) تقدم تخريجه.
(٦) ز: «وفرق»، تحريف.