للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

في كتاب الله وسنة رسوله (١) بيانُ حكمِ ما تنازعوا فيه ولم يكن كافيًا لم يأمر بالرِّد إليه، إذ من الممتنع أن يأمر تعالى بالرَّدِّ عند النزاع (٢) إلى من لا يوجد عنده فصلُ النزاع.

ومنها: أنَّ الناس أجمعوا أنَّ (٣) الردَّ إلى الله سبحانه هو الردُّ إلى كتابه، والردَّ إلى الرسول - صلى الله عليه وسلم - هو الردُّ إليه نفسِه في حياته، وإلى سنَّته بعد وفاته (٤).

ومنها: أنه جعل هذا الردَّ من موجِبات الإيمان ولوازمه، فإذا انتفى هذا الردُّ انتفى الإيمان ضرورةَ انتفاء الملزوم لانتفاء لازمه؛ ولا سيما التلازم بين هذين الأمرين فإنه من الطرفين، فكلٌّ (٥) منهما ينتفي بانتفاء الآخر. ثم أخبرهم أنَّ هذا الردَّ (٦) خير لهم، وأنَّ عاقبته أحسن عاقبة.

ثم أخبر سبحانه أنَّ مَن تحاكم أو حاكم إلى غير ما جاء به الرسولُ فقد حكَّم الطاغوتَ وتحاكم إليه. والطاغوت: كلُّ ما تجاوز به العبدُ حدَّه من معبود أو متبوع أو مطاع. فطاغوتُ كلِّ قوم من يتحاكمون إليه غير الله ورسوله، أو يعبدونه من دون الله، أو يتبعونه على غير بصيرة من الله، أو يطيعونه فيما لا يعلمون أنه طاعة لله. فهذه طواغيت العالم [٢٧/أ] إذا تأمَّلتَها وتأمَّلتَ أحوالَ الناس معها رأيت أكثرهم ممَّن أعرض عن عبادة الله إلى


(١) ما عدا س، ت: "كتاب الله ورسوله"، وكذا في النسخ المطبوعة.
(٢) ع: "التنازع".
(٣) س، ع: "على أن".
(٤) انظر: "الرسالة التبوكية" (ص ٤٧). و"تفسير الطبري" (٨/ ٥٠٤ - ٥٠٥ شاكر).
(٥) ع: "وكلٌّ".
(٦) "الرد" ساقط من ع.