للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تتزوَّج بناءً على الخط. وكذا الوصي والوارث يعتمد على خطِّ الموصي، فينفِّذ ما فيه، وإن لم يشهد شاهدان. وكذا إذا كتب الراوي إلى غيره حديثًا جاز له أن يعتمد عليه ويعمل به، ويرويه بناءً على الخط إذا تيقَّن ذلك كلَّه.

هذا عمل الأمة قديمًا وحديثًا من عهد نبيِّها (١) - صلى الله عليه وسلم - وإلى الآن، وإن أنكره من أنكره. ومن العجب أن من أنكر ذلك وبالغ في إنكاره، ليس معه فيما يفتي به ويقضي به إلا مجرَّد كتابٍ قيل: إنه كتاب فلان، فهو يقضي به ويفتي به (٢)، ويُحِلُّ ويحرِّم، ويقول: هكذا في الكتاب. والله الموفِّق (٣). وقد كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يرسل كتبه إلى الملوك وإلى الأمم يدعوهم إلى الإسلام فتقوم عليهم الحجة بكتابه. وهذا أظهر من أن ينكر. وبالله التوفيق.

الفائدة السبعون: إذا حدثت حادثة ليس فيها قول لأحد من العلماء، فهل يجوز الاجتهاد فيها بالإفتاء والحكم أم لا؟

فيه ثلاثة أوجه (٤):

أحدها: يجوز. وعليه تدل فتاوى الأئمة وأجوبتهم، فإنهم كانوا يُسألون عن حوادث لم تقع قبلهم، فيجتهدون فيها. وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إذا اجتهد الحاكم فأصاب فله أجران، وإذا اجتهد فأخطأ فله أجر» (٥). وهذا يعُمُّ ما


(١) في النسخ المطبوعة: «نبينا».
(٢) «به» ساقط من النسخ المطبوعة.
(٣) كذا في النسخ الخطية والمطبوعة، وكأن ما بعده أضافه المؤلف فيما بعد ونسي أن يحذف «والله الموفق» من هنا. وقد سبق مثل ذلك.
(٤) انظر: «صفة الفتوى» (ص ١٠٤ - ١٠٥).
(٥) رواه البخاري (٧٣٥٢) ومسلم (١٧١٦) من حديث عمرو بن العاص.