للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد تقدّم بيان موافقة حديث المصرّاة للقياس، وإبطال قول من زعم أنه خلاف القياس، وأنه ليس في الشريعة حكم يخالف القياس الصحيح، وأما القياس الباطل فالشريعة كلها مخالفة له. ويا لله العجب! كيف وافق الوضوء بالنبيذ المشتدّ للأصول (١) حتى قُبِل، وخالف خبر المصرّاة للأصول حتى رُدَّ؟

المثال الحادي والعشرون: رد السنة الصحيحة الصريحة المحكمة في العرايا بالمتشابه من قوله: «التمر بالتمر مثلًا بمثلٍ سواء بسواء» (٢)، فإن هذا لا يتناول الرطب بالتمر.

فإن قيل: فأنتم رددتم خبر النهي عن بيع الرطب بالتمر (٣) مع أنه محكم صريح صحيح، بحديث العرايا (٤) وهو متشابه.

قيل: فإذا كان عندكم محكمًا صحيحًا فكيف رددتموه بالمتشابه من اشتراط المساواة بين التمر والتمر (٥)؟ فلا بحديث النهي أخذتم، ولا بحديث العرايا، بل خالفتم الحديثين معًا. وأما نحن فأخذنا بالسنن الثلاثة، ونزَّلنا كلَّ سنة على وجهها ومقتضاها، ولم نضرب بعضها ببعض، ولم نخالف شيئًا منها؛ فأخذنا بحديث النهي عن بيع التمر بالتمر متفاضلًا،


(١) ع: «الأصول».
(٢) تقدم تخريجه.
(٣) تقدم تخريجه.
(٤) تقدم تخريجه.
(٥) «والتمر» ليست في ع.