للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

سبحانه إلا لمن قصد نفع الغير والإحسان إليه بتمليكه سواء كان محتاجًا أو غيرَ محتاج، ولم يشرعه لإسقاط فرض من زكاة أو حج أو غيرهما قطُّ. وكذلك المعاريض لم يشرعها إلا لمحتاج إليها أو لمن لا يُسقِط بها حقًّا ولا يضرُّ بها أحدًا، ولم يشرعها إذا تضمَّنت إسقاط حق أو إضرارًا لغير مستحق.

فثبت [٨٠/ب] أن التعريض المباح ليس من المخادعة لله في شيء، وغايته أنه مخادعة لمخلوق أباح الشارع مخادعته لظلمه، ولا يلزم من جواز مخادعة الظالم المُبطِل جوازُ مخادعة المُحِقّ؛ فما كان من التعريض مخالفًا لظاهر اللفظ كان قبيحًا إلا عند الحاجة، وما لم يكن منها مخالفًا لظاهر اللفظ كان جائزًا إلا عند تضمُّن مفسدة.

والمعاريض كما تكون بالقول تكون بالفعل، وتكون بالقول والفعل معًا، مثال ذلك أن يُظهِر المحارب أن يريد وجهًا من الوجوه ويسافر إليه ليحسب العدوُّ أنه لا يريده، ثم يَكُرُّ عليه وهو آمنٌ من قصده، أو يستطرد المبارز بين يدي خصمه ليظنَّ هزيمته ثم يعطف عليه، وهذا من خَدَعاتِ الحرب.

فصل

فهذا أحد النوعين الذي قيست عليه (١) الحيل المحرَّمة.

والنوع الثاني (٢): الكيد الذي شرعه الله للمظلوم أن يكيد به ظالمه ويخدعه به، إما للتوصل إلى أخذ حقِّه منه، أو عقوبةً له، أو لكفِّ شره


(١) د: «عليهما».
(٢) سبق النوع الأول قبل ثمان صفحات (١٥٤).