للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هذا كلامه بلفظه (١).

ولو ذهبنا نستوعب ما جناه التأويل على الدنيا والدين وما نال الأممَ قديمًا وحديثًا بسببه من الفساد لاستدعى ذلك عدَّة أسفار (٢). والله المستعان.

الفائدة السادسة والخمسون: لا يجوز له (٣) العمل بمجرد فتوى المفتي إذا لم تطمئنَّ نفسه، وحاك في صدره من فتواه (٤)، وتردَّد فيها، لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «استفتِ نفسَك ... وإن أفتاك الناس وأفتَوك» (٥)، فيجب عليه أن يستفتي نفسه أولًا. ولا تخلِّصه فتوى المفتي من الله إذا كان يعلم أن الأمر في الباطن بخلاف ما أفتاه، كما لا ينفعه قضاء القاضي له بذلك، كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «من قضيتُ له بشيء من حقِّ أخيه فلا يأخذه، فإنما أقطع له قطعة من نار» (٦).

والمفتي والقاضي في هذا سواء. فلا يظنَّ (٧) المستفتي أن مجرَّدَ فتوى الفقيه تبيح له ما سأل عنه، إذا كان يعلم أن الأمر بخلافه في الباطن، سواء


(١) نقله المؤلف في «الصواعق» (٢/ ٤٠٤ - ٤١٧) بأطول مما هنا. وانظر: «درء التعارض» (٦/ ٢١٢ - ٢٢٢).
(٢) وقال في «شفاء العليل» (ص ٨٢): «وسنفرد إن شاء الله كتابًا نذكر فيه جناية المتأويلن على الدنيا والدين». وانظر: «ابن قيم الجوزية» للشيخ بكر أبو زيد (ص ٢٤٨).
(٣) «له» ساقط من النسخ المطبوعة.
(٤) ب: «قبوله»، وكذا في النسخ المطبوعة. والظاهر أنه تصحيف ما أثبت من ز.
(٥) تقدَّم تخريجه.
(٦) تقدَّم تخريجه.
(٧) في النسخ المطبوعة: «ولا يظن».