للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

اتباعه.

فإن قيل: السابقون هم الذين صلَّوا إلى القبلتين، أو هم أهل بيعة الرضوان ومن قبلهم، فما الدليل على اتباع مَن أسلم بعد ذلك؟

قيل: إذا ثبت وجوب اتباع أهل بيعة الرضوان فهو أكبر المقصود، على أنه لا قائلَ بالفرق، وكلُّ الصحابة سابقٌ بالنسبة إلى من بعدهم.

فصل

الوجه الثاني (١): قوله تعالى: {اتَّبِعُوا مَنْ لَا يَسْأَلُكُمْ أَجْرًا وَهُمْ مُهْتَدُونَ} [يس: ٢١]، هذا قصَّه الله سبحانه عن صاحب ياسين على سبيل الرِّضا بهذه المقالة، والثناءِ على قائلها، والإقرارِ له عليها، وكل واحدٍ من الصحابة لم يسألنا أجرًا، وهم مهتدون بدليل قوله تعالى خطابًا لهم: {وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} [آل عمران: ١٠٣]، و «لعلَّ» من الله واجب. وقوله: {وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ حَتَّى إِذَا خَرَجُوا مِنْ عِنْدِكَ قَالُوا لِلَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مَاذَا قَالَ آنِفًا أُولَئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ (١٦) وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى} [محمد: ١٦ - ١٧] وقوله تعالى: {وَالَّذِينَ قَاتَلوا (٢) فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ سَيَهْدِيهِمْ} [محمد: ٤]، وقوله تعالى: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا} [العنكبوت: ٦٩]، وكلٌّ منهم قاتلَ في


(١) من الأدلة الدالة على وجوب اتباع قول الصحابة.
(٢) كذا في النسخ. وهي قراءة نافع وابن كثير وابن عامر. انظر: «التيسير» (ص ٢٠٠) و «السبعة» لابن مجاهد (ص ٦٠٠). وسيأتي في كلام المؤلف «قاتل» بناءً عليها.