للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الممسوحين بالعفو، إذ لو مُسِحا بالتراب لم يكن فيه [٢٤٤/ب] تخفيف عنهما، بل كان فيه انتقال من مسحهما بالماء إلى مسحهما بالتراب. فظهر أن الذي جاءت به الشريعة هو أعدل الأمور وأكملها، وهو الميزان الصحيح.

وأما كون تيمم الجنب كتيمم المحدِث، فلما سقط مسح الرأس والرجلين بالتراب عن المحدِث سقط مسحُ البدن كلِّه بالتراب عنه بطريق الأولى، إذ في ذلك من المشقة والحرج والعسر ما يناقض رخصة التيمم، ويدخل أكرم المخلوقات على الله في شبه البهائم إذا تمرَّغ في التراب. فالذي جاءت به الشريعة لا مزيد في الحسن والحكمة والعدل عليه، ولله الحمد.

فصل

وأما السَّلَم، فمن ظن أنه على خلاف القياس توهَّم دخوله تحت قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لا تَبِع ما ليس عندك» (١). وأنه (٢) بيعُ معدوم، والقياس يمنع منه. والصواب أنه على وفق القياس، فإنه بيعُ مضمون في الذمة موصوف مقدور على تسليمه غالبًا، وهو كالمعاوضة على المنافع في الإجارة، وقد تقدَّم أنها


(١) رواه أحمد (١٥٣١١ - ١٥٣١٣، ١٥٣١٥، ١٥٥٧٣)، وأبو داود (٣٥٠٣)، والترمذي (١٢٣٢، ١٢٣٣) ــ ونبّه على انقطاع سنده ــ، وابن ماجه (٢١٨٧)، والنسائي (٤٦١٣) من حديث حكيم بن حزام مرفوعا. ويُنظر: «التاريخ» لابن أبي خيثمة (٥١٣ - ٥٢١ - السِّفْر الثاني). وله شاهد يُقوِّيه من حديث عبد الله بن عمرو مرفوعا، رواه أحمد (٦٦٢٨، ٦٦٧١، ٦٩١٨)، وأبو داود (٣٥٠٤)، والترمذي (١٢٣٤) ــ وصحّحه ــ، وابن ماجه (٢١٨٨)، والنسائي (٤٦١١، ٤٦٣١).
(٢) في النسخ المطبوعة: «فإنه».