للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

على وفق القياس. وقياس السَّلم على بيع العين المعدومة التي لا يدري أيقدر على تحصيلها أم لا، والبائع والمشتري منها على غرر، من أفسد القياس صورة ومعنى. وقد فطر الله العقلاء على الفرق بين بيع الإنسان ما لا يملكه ولا هو مقدور له، وبين السَّلَم إليه في مُغَلٍّ مضمون في ذمته مقدور في العادة على تسليمه، فالجمعُ بينهما كالجمع بين الميتة والذكي (١)، والربا والبيع.

وأما قول النبي - صلى الله عليه وسلم - لحكيم بن حزام: «لا تبِع ما ليس عندك» فيحتمل معنيين (٢). أحدهما: أن يبيع عينًا معيَّنةً وهي ليست عنده، بل ملك للغير، فيبيعها، ثم يسعى في تحصيلها وتسليمها إلى المشتري. والثاني: أن يريد بيع ما لا يقدر على تسليمه وإن كان في الذمة (٣) [٢٤٥/أ] فليس عنده حسًّا ولا معنًى، فيكون قد باعه شيئًا لا يدري هل يحصل له أم لا؟ وهذا يتناول أمورًا:

أحدها: بيعُ عين معينة ليست عنده.

الثاني: السلَم الحالُّ في الذمة إذا لم يكن عنده ما يوفيه.

الثالث: السلَم المؤجَّل إذا لم يكن على ثقة من توفيته عادةً. فأما إذا كان على ثقة من توفيته عادة فهو دين من الديون، وهو كالابتياع بثمن مؤجل. فأيُّ فرق بين كون أحد العوضين مؤجلًا في الذمة وبين الآخر؟ فهذا محض


(١) في النسخ المطبوعة: «والمذكى»، خلافًا للنسخ الخطية، وقد سبق قريبًا.
(٢) ع: «فيحمل على معنيين»، وكذا في النسخ المطبوعة.
(٣) زاد بعضهم في حاشية ح هنا: «وهذا أشبه». وهذه الجملة قد وردت في «مجموع الفتاوى».