للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فصل

وكان السلف من الصحابة والتابعين يكرهون التسرُّعَ في الفتوى، ويودُّ أحدُهم (١) أن يكفيه إياها غيرُه. فإذا رأى أنها قد تعيَّنت عليه بذَلَ اجتهادَه في معرفة حكمها من الكتاب والسنة أو قول الخلفاء الراشدين، ثم أفتى.

وقال عبد الله بن المبارك (٢): ثنا سفيان عن عطاء بن السائب عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: أدركتُ عشرين ومائةً من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ــ أراه قال: في المسجد ــ فما كان منهم محدِّث إلّا ودَّ أنَّ أخاه كفاه الحديثَ، ولا مفتٍ إلّا ودَّ أنّ أخاه كفاه الفتيا.

وقال الإمام أحمد: ثنا جرير عن عطاء بن السائب عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: أدركتُ عشرين ومائةً من الأنصار من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما منهم رجلٌ يُسأل عن شيء إلا ودَّ أنَّ أخاه كفاه، ولا يحدِّث حديثًا إلا ودَّ أنَّ أخاه كفاه (٣).

وقال مالك (٤): عن يحيى بن سعيد أنّ بُكَير بن الأشجِّ أخبره عن


(١) "أحدهم" من س، ف، وهو ملحق بهامش ح، ع، ولم يظهر في الصورة إلا "أحد". وهو ساقط من ت. وفي المطبوع: "كل واحد منهم".
(٢) في "الزهد" (٥٨). ورواه أبو خيثمة في "العلم" (٢١)، والدارمي (١٣٧)، وابن سعد في "الطبقات" (٨/ ٢٣٠)، ويعقوب بن سفيان في "المعرفة والتاريخ" (٢/ ٨١٧)، وأبو زرعة الدمشقي في "التاريخ" (١/ ٦٧٠ - ٦٧١)، والبيهقي في "المدخل" (٨٠٠، ٨٠١).
(٣) رواه ابن عبد البر في "جامع بيان العلم" (٢٢٠١، ٢٢٠٢) من طريقين عن الإمام أحمد.
(٤) في "الموطأ" (٢١١٠) ــ وعنه الشافعي في "الأم" (٦/ ٣٥٧ - ٣٥٨) ــ، والطحاوي في "شرح المعاني" (٣/ ٥٧).