للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تقديم بينة الخارج عند من يقدِّم بينة الداخل: أن يدَّعي الخارج (١) أنه في يد الداخل (٢) غصبًا أو عاريةً أو وديعةً أو ببيعٍ فاسد، ثم تشهد البينة على وَفْق ما ادعاه، فحينئذٍ تُقدَّم بينة الخارج على الصحيح عندهم.

المثال الخامس والثلاثون: الحيلة المخلصة من لدغ العقارب، وذلك إذا اشترى الماكر المخادع من رجل (٣) دارًا أو بستانًا أو سلعةً، وأشهد عليه بالبيع، ثم مضى إلى البيت أو الحانوت ليأتيه بالثمن، فأقرَّ بجميع ما في يده لولده أو لامرأته، فلا يصل البائع إلى أخذ الثمن، فالحيلة له (٤) أن يبيعه بحضرة الحاكم أو يمضي بعد البيع معه إليه ليثبت له التبايع، ثم يسأله قبل مفارقته أن يَحجُر على المشتري في ماله ويَقِفَه [١٢١/ب] حتى يُسلِم إليه الثمن؛ لئلا يتلف ماله أو يتبرع به فيتعذّر عليه الوصول إلى حقه. ويلزم الحاكم إجابته إذا خشي ذلك من المشتري؛ لأن فيه إعانةً لصاحب الحق على التوصل إلى حقه.

فإن تعذَّرت عليه هذه الحيلة ولدغَتْه العقرب وادَّعى الإعسار (٥) عند


(١) «عند من ... الخارج» ليست في ك.
(٢) ك: «الخارج»، خطأ.
(٣) «من رجل» ليست في ك، ب.
(٤) «له» ليست في ك، ب.
(٥) بعدها في المطبوع زيادة لا توجد في النسخ، والنصّ سليم بدونها، وهي: فللبائع الفسخ إذا لم يكن عالمًا بعسرته وقتَ العقد ولا راضيًا بها، فإن الإعسار عيب في محل الحق، فيثبت له خيار الفسخ كما لو كان العيب بالعوض، ولهذا إذا احتال على من يظنه موسرًا فبانَ معسرًا، فله فسخ الحوالة والرجوع على المحيل، لوجود العيب في محل الحق الذي لم يرض به المحتال. وإذا كان النبي - صلى الله عليه وسلم - قد ملَّك البائع الرجوع في عين ماله إذا أفلس المشتري، فكذلك إذا بان مفلسًا، مع أن الحديث نصٌّ في تمليكه الفسخ إذا عرض له الإفلاس، وليس فيه اشتراط حجر الحاكم، ولا دلَّ عليه بوجهٍ، ولا له أصل من كتاب ولا سنة ولا إجماع ولا قياس ولا مصلحة للناس، فمن أين لكم أنه لا يملك الفسخ حتى يحجر عليه الحاكم؟ وحكمُ سيد الحكّام بالرجوع في عين المال وفسخ البيع أولى بالاعتبار والمراعاة من آحاد الناس، فإذا كان سيد الحكّام قد حكم له بالفسخ والرجوع لم يجز أن يقال: لا رجوع لك حتى يحكم حاكم بالفلس والإعسار. فإن قيل: إنما شرطنا ذلك ليتحقق ثبوت فلسه، قيل: لو تحقق ثبوت فلسه بحيث أن لا يشك فيه ولم يحكم به حاكم لم تمكّنوه من الفسخ، وهذا مخالف للسنة والقياس المحض كما تقدم، إذ العيب في محل العوض كالعيب في العوض. فإن سأل الحاكم الحجر عليه وفعل ذلك رجع عليه في عين ماله عند الجمهور».