للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ونافع بن عبد الحارث، وقال أبو عمر (١): وكان زيد بن أسلم يقول: أجازه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. وذكر الإمام أحمد أن محمد بن مَسلمة الأنصاري اشترى من نَبطيٍّ حُزمةَ حطبٍ، واشترط عليه حمْلَها إلى قصر سعد (٢). واشترى عبد الله بن مسعود جارية من امرأته وشرطتْ عليه أنه إن باعها فهي لها بالثمن (٣). وفي ذلك اتفاقهما على صحة البيع والشرط، ذكره الإمام أحمد وأفتى به.

والمقصود أن للشروط عند الشارع شأنًا ليس عند كثير من [١٢٩/أ] الفقهاء؛ فإنهم يُلغون شروطًا لم يُلغِها الشارع، ويُفسدون بها العقد من غير مفسدة تقتضي فساده، وهم متناقضون فيما يقبل التعليق بالشروط من العقود وما لا يقبله؛ ليس لهم ضابط مطَّرد منعكس يقوم عليه دليل؛ فالصواب الضابط الشرعي الذي دلَّ عليه النص أن كل شرط خالف حكم الله وكتابه فهو باطل، وما لم يخالف حكمه فهو لازم.

يوضِّحه أن الالتزام بالشرط كالالتزام بالنذر، والنذر لا يَبطُل منه إلا ما خالف حكم الله، بل الشرط (٤) في حقوق العباد أوسعُ من النذر في حق الله،


(١) في «التمهيد» (٢٤/ ١٧٩) و «الاستذكار» (٦/ ٢٦٤) ط. دار الكتب العلمية. وزاد ابن عبد البر بعد ذكر قول زيد بن أسلم: وهذا لا يُعرف عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من وجهٍ يصح.
(٢) رواه إسحاق بن راهويه كما في «المطالب العالية» (٢/ ٣٨٤) ضمن قصة طويلة، وفي إسناده انقطاع.
(٣) رواه مالك في «الموطأ» (٢/ ٦١٦) من طريق عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود عن ابن مسعود، وفيه انقطاع بين عبيد الله وابن مسعود.
(٤) ز: «الشروط».