للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وحذّر مَن خالف عن أمره واتبع غيره أن تصيبه فتنة أو يصيبه عذاب أليم؛ فالفتنة في قلبه، والعذاب الأليم في بدنه (١) وروحه، وهما متلازمان؛ فمن فُتِن في قلبه بإعراضه عما جاء به ومخالفته له إلى غيره أصيب بالعذاب الأليم ولا بدَّ، وأخبر سبحانه أنه إذا قضى أمرًا على لسان رسوله لم يكن لأحد من المؤمنين أن يختار من أمره غيرَ ما قضاه، فلا خِيرَة (٢) لمؤمنٍ بعد قضائه البتَّةَ.

ونحن نسأل المقلّدين: هل يمكن أن يخفى قضاء الله ورسوله على من قلّدتموه دينَكم في كثير من المواضع أم لا؟ فإن قالوا: «لا يمكن أن يخفى عليه ذلك» أنزلوه فوق منزلة أبي بكر وعمر وعثمان وعلي والصحابة كلِّهم؛ فليس أحد منهم إلا وقد خفي عليه بعض ما قضى الله ورسوله به (٣):

فهذا الصدّيق أعلمُ الأمة به خفي عليه ميراث الجدّة، حتى أعلمه به محمد بن مسلمة والمغيرة بن شعبة (٤).


(١) د: «قلبه».
(٢) ت: «خير».
(٣) يراجع للأمثلة الآتية وغيرها: «الإحكام» لابن حزم (٦/ ٨٩) و «رفع الملام عن الأئمة الأعلام» ضمن «مجموع الفتاوى» (٢٠/ ٢٣٤ - ٢٣٨) و «الصواعق المرسلة» (٢/ ٥٤٣ - ٥٥١).
(٤) رواه أبو داود (٢٨٩٤) والترمذي (٢١٠١) وابن ماجه (٢٧٢٤) من طريق عثمان بن إسحاق بن خرشة، عن قبيصة بن ذؤيب، وإسناده ضعيف؛ لأنَّ عثمان بن إسحاق بن خرشة لا يعرف بالرواية، وقبيصة بن ذؤيب لم يسمع أبا بكر الصديق، وكذا اضطرب الرواة عن الزهري في إسناده، والحديث ضعفه ابن حزم والألباني. انظر: «المحلى» (٨/ ٢٩٢) و «الإرواء» (٦/ ١٢٤) و «ضعيف أبي داود» - الأم (٢/ ٣٩٣).