للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الدين، وجهاد أعدائه. وللشارع قصد أكيد في اقتنائها وحفظها والقيام عليها، وترغيب النفوس في ذلك بكلِّ طريق. ولهذا (١) عفا عن أخذ الصدقة منها، ليكون ذلك أرغب للنفوس فيما يحبه الله ورسوله من اقتنائها ورباطها. وقد قال تعالى: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ} [الأنفال: ٦٠].

فرباط [٣٠٢/أ] الخيل من جنس آلات السلاح والحرب. فلو كان عند الرجل منها ما عسى (٢) أن يكون، ولم يكن للتجارة= لم يكن عليه فيه زكاة؛ بخلاف ما أعد للنفقة، فإن الرجل إذا ملك منه نصابًا ففيه الزكاة. وقد أشار النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى هذا بعينه في قوله: «عفوتُ (٣) لكم عن صدقة الخيل والرقيق، فهاتوا صدقة الرِّقَة» (٤). أفلا تراه كيف فرَّق بين ما أُعِدَّ للإنفاق، وما (٥) أُعِدَّ لإعلاء كلمة الله ونصر دينه وجهاد أعدائه، فهو من جنس السيوف والرماح والسهام؟ وإسقاط الزكاة في هذا الجنس من محاسن الشريعة وكمالها.

فصل

وأما قوله: «أوجب في الذهب والفضة والتجارة ربعَ العُشر، وفي الزروع والثمار نصفَ العُشر أو العُشرَ، وفي المعدن الخُمْس»، فهذا أيضًا من كمال شريعته ومراعاتها للمصالح. فإن الشارع أوجب الزكاة مواساةً


(١) في النسخ المطبوعة: «ولذلك».
(٢) ت، ع: «عساه»، وكذا في النسخ المطبوعة.
(٣) في النسخ المطبوعة: «قد عفوت».
(٤) تقدَّم في أول الفصل.
(٥) في النسخ المطبوعة: «وبين ما».