للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومن ذلك ما روى البخاري في «صحيحه» (١) عن قيس بن مسلم عن أبي جعفر قال: «ما بالمدينة أهل بيت هجرة إلا يزرعون على الثلث والربع»، وزارعَ عليٌّ وسعد بن مالك وعبد الله [١١٠/أ] بن مسعود وعمر بن عبد العزيز والقاسم بن محمد وعروة بن الزبير وآل أبي بكر وآل عمر وآل علي وابن سيرين، وعاملَ عمر بن الخطاب الناس على: إنْ (٢) جاء عمرُ بالبِذْر من عنده فله الشطر، وإن جاءوا بالبِذْر فلهم كذا وكذا.

فهذا والله هو العمل الذي يستحقّ تقديمَه على كل عمل خالفه، والذي من جعله بينه وبين الله فقد استوثق. فيا لله العجب! أيُّ عملٍ بعد هذا يقدَّم عليه (٣)؟ وهل يكون عمل يمكن أن يقال إنه إجماع أظهر من هذا وأصحّ منه؟

وأيضًا فالعمل نوعان: نوع لم يعارضه نص ولا عمل قبله ولا عملُ مصرٍ آخر غيره، وعمل عارضه واحد من هذه الثلاثة؛ فإن سوَّيتم بين أقسام هذا (٤) العمل كلها فهي تسوية بين المختلفات التي فرَّق النص والعقلُ بينها، وإن فرّقتم بينها فلا بدَّ من دليل فارقٍ بين ما هو معتبر منها وما هو غير معتبر، ولا تذكرون دليلًا قطُّ إلا كان دليل مَن قدَّم النص أقوى، وكان به أسعد.

وأيضًا فإنا نقسم عليكم هذا العمل من وجه آخر ليتبين به المقبول من


(١) تعليقًا في (٥/ ١٠) مع «الفتح». وانظر: «تغليق التعليق» (٣/ ٣٠٠).
(٢) ط: «على أنه إن». والمثبت موافق لما في النسخ و «صحيح البخاري».
(٣) «عليه» ليست في د.
(٤) ت، د: «هذه».