للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كان مباحًا في الأصل وحُرِّم لعارض كالوطء في الصيام والإحرام. وطردُ هذا ــ وهو الصحيح ــ وجوبُ الكفارة في وطء الحائض. وهو موجَب القياس لو لم تأت الشريعة به (١)، فكيف وقد جاءت به مرفوعة وموقوفة؟ (٢)

وعكسُ هذا: الوطء في الدبر، لا (٣) كفارة فيه. ولا يصح قياسه على الوطء في الحيض، لأن هذا الجنس لم يُبَح قط، ولا تعمل فيه الكفارة. ولو وجبت فيه الكفارة لوجبت في الزنا واللواط بطريق الأولى. فهذه قاعدة الشارع في الكفارات، وهي في غاية المطابقة للحكمة والمصلحة.

فصل

وكان من تمام حكمته ورحمته أنه لم يأخذ الجناة بغير حجة، كما لم يعذِّبهم في الآخرة إلا بعد إقامة [٣٠٩/أ] الحجة عليهم. وجعل الحجة التي يأخذهم بها إما منهم وهي الإقرار، أو ما يقوم مقامه من إقرار الحال، وهو أبلغ وأصدق من إقرار اللسان؛ فإن من قامت عليه شواهد الحال بالجناية،


(١) «به» من ع.
(٢) رواه أحمد (٣٤٧٣)، وأبو داود (٢٦٤، ٢١٦٨) والترمذي (١٣٦، ١٣٧)، وابن ماجه (٦٤٠، ٦٥٠)، والنسائي في «السنن الكبرى» (٢٧٨، ٩٠٥٠ - ٩٠٥٣، ٩٠٥٥، ٩٠٥٦، ٩٠٥٨، ٩٠٥٩، ٩٠٦٠، ٩٠٦٤، ٩٠٦٥، ٩٠٦٨) من حديث ابن عباس مرفوعا، وفي سنده ومتنه اختلافٌ كثيرٌ منتشرٌ. ويُنظر: «السنن الكبرى» للنسائي (٩٠٥٤، ٩٠٥٧، ٩٠٦١، ٩٠٦٢، ٩٠٦٣، ٩٠٦٦، ٩٠٦٧، ٩٠٦٨)، و «السنن الكبير» للبيهقي (١/ ٣١٤ - ٣١٨)، و «شرح السنة» لأبي محمد البغوي (٢/ ١٢٨)، و «تنقيح التحقيق» لابن عبد الهادي (١/ ٣٩٥ - ٣٩٩)، و «تعليقته على العلل» لابن أبي حاتم (ص ١٠٨ - ١١٩).
(٣) في النسخ المطبوعة: «ولا».