للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

"الدية على العاقلة" (١). وإن كانت هذه الأحاديث لا تثبت من جهة الإسناد، لكن لما تلقَّتها الكافَّة عن الكافَّة غَنُوا بصحتها عندهم عن طلب الإسناد لها. فكذلك حديث معاذ لما احتجُّوا به جميعًا غَنُوا عن طلب الإسناد له" انتهى كلامه.

وقد جوَّز النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - للحاكم أن يجتهد رأيه، وجعَل له على خطئه في اجتهاد الرأي أجرًا واحدًا إذا كان قصدُه معرفةَ الحق واتباعَه (٢).

فصل

وقد كان أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يجتهدون في النوازل، ويقيسون بعض الأحكام على بعض، ويعتبرون النظير بنظيره.

قال أسد بن موسى: ثنا شعبة، عن زُبَيد اليامي، عن طلحة بن مصرِّف، عن مُرَّة الطيِّب، عن علي بن أبي طالب: كلُّ قوم على بيِّنةٍ من أمرهم، ومصلَحةٍ (٣)


(١) رواه مسلم في "الصحيح" (١٦٨٢) من حديث المغيرة بن شعبة من قضاء النبي - صلى الله عليه وسلم - لا من قوله. ومعناه في الصحيحين من حديث أبي هريرة. وهذا القول مشهورٌ من قول عمر موقوفا، رواه الترمذي (١٤٧٤، ٢٢٤٣) ــ وصحّحه ــ، والنسائي في "السنن الكبرى" (٦٣٢٩). ورواه أبو داود (٢٩٢٧)، وابن ماجه (٢٦٤٢)، والنسائي في "السنن الكبرى" (٦٣٣٠) عنه بلفظ: "الدية للعاقلة".
(٢) كما في حديث عمرو بن العاص، أخرجه البخاري (٧٣٥٢) ومسلم (١٧١٦).
(٣) كذا في النسخ، ومصدر النقل ــ وهو "الفقيه والمتفقه" ــ و"الفصول في الأصول" لأبي بكر الجصاص (٤/ ٥٠). وفي "البيان والتبيّن" (٢/ ٣٥) و"غريب الحديث" للخطابي (٣/ ١٩٨) و"الفائق" للزمخشري (٣/ ١٤٢): "على زينة من أمرهم ومَفْلَحة". وفسَّره الخطابي بأنهم "راضون بعملهم، مغتبطون بذلك عند أنفسهم، كقوله تعالى: {كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ} [المؤمنون: ٥٣] ".