للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حرامًا فاسدًا فقصده حرام فاسد، واشتراطه إعلان وإظهار للفساد، وقصده ونيته غِشٌّ وخداع ومكر؛ فقد يكون أشدَّ فسادًا من الاشتراط ظاهرًا من هذه الجهة، والاشتراط الظاهر أشدُّ فسادًا منه من جهة إعلان المحرَّم وإظهاره.

ومما يدّل على التحريم أن أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أجمعوا على تحريم هذه الحيل وإبطالها، وإجماعهم حجة قاطعة، بل هي من أقوى الحجج وآكدِها، ومن جعلهم بينه وبين الله فقد استوثق لدينه.

بيان المقدمة الأولى أن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - خطب الناس على منبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقال: «لا أُوتَى بمحلِّلٍ ولا محلَّلٍ له إلا رجمتُهما» (١). وأقرَّه سائر الصحابة على ذلك، وأفتى عثمان وعلي وابن عباس وابن عمر أن المرأة لا تَحِلُّ بنكاح التحليل (٢).

وقد تقدم عن غير واحد من أعيانهم كأُبيّ وابن مسعود وعبد الله بن سلام وابن عمر وابن عباس أنهم نَهَوا المقرِض عن قبول هدية المقترض، وجعلوا قبولها ربًا.

وقد تقدم عن عائشة وابن عباس وأنس تحريم مسألة العينة، والتغليظ فيها، وأفتى عمر وعثمان وعلي وأبي بن كعب وغيرهم من الصحابة أن المبتوتة في مرض الموت ترِث (٣)، ووافقهم سائر المهاجرين والأنصار من


(١) رواه عبد الرزاق (١٠٧٧٧)، وابن أبي شيبة (١٧٣٦٣).
(٢) قول عثمان رواه البيهقي (٧/ ٢٠٨)، وقول علي وابن عباس عند عبد الرزاق (١٠٨٠٣، ١٠٧٧٩)، وقول ابن عمر عند ابن أبي شيبة (١٧٣٦٥).
(٣) أما فتوى عمر وعثمان فرواهما عبد الرزاق (١٢٢٠١، ١٢١٩١)، وأما فتوى علي وأُبي بن كعب فرواهما ابن أبي شيبة (١٩٣٨١، ١٩٣٧٣).