للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المثال الأول: ردُّ الجهمية النصوصَ المحكمة غاية الإحكام المبيَّنة بأقصى غاية البيان أن الله موصوف بصفات الكمال، من العلم والقدرة والإرادة والحياة والكلام والسمع والبصر والوجه واليدين والغضب والرضا والفرح والضحك [٦٠/أ] والرحمة والحكمة، وبالأفعال كالمجيء والإتيان والنزول إلى سماء الدنيا ونحو ذلك. والعلمُ بمجيء الرسول بذلك وإخبارِه به عن ربه إن لم يكن فوق العلم بوجوب الصلاة والصيام والحج والزكاة وتحريم الظلم والفواحش والكذب فليس يقصُر عنه، فالعلم الضروري حاصل بأن الرسول أخبر عن الله بذلك، وفرض على الأمة تصديقَه فيه، فرضًا لا يتمُّ أصل الإيمان إلا به. فردَّ الجهمية ذلك بالمتشابه من قوله: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} [الشورى: ١١]، ومن قوله: {هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا} [مريم: ٦٥]، ومن قوله: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص: ١]، ثم استخرجوا من هذه النصوص المحكمة (١) المبينة احتمالات وتحريفات جعلوها به من قسم المتشابه.

المثال الثاني: ردُّهم المحكمَ المعلوم بالضرورة أن الرسل جاؤوا به من إثبات علوِّ الله على خلقه واستوائه على عرشه، بمتشابه قوله: {وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ} [الحديد: ٤]، وقوله: {وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ} [ق: ١٦]، وقوله: {مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا} [المجادلة: ٧] ونحو ذلك، ثم تحيَّلوا وتمحَّلوا حتى ردُّوا نصوص العلو والفوقية بمتشابهه.


(١) ت: «المجملة».