للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وإن صحَّ في ذلك فليس بمذهب له (١)، فإنه (٢) رواه وعرف صحته، ولكن خالفه لاعتقاده نسخَه. وهذا شيء، وذاك شيء. ففي هذا القسم يقع النظر في النسخ وعدمه، وفي الأول يقع النظر في صحة الحديث وثقة السند، فاعرفه.

الفائدة الثامنة والأربعون: [٢١١/ب] إذا كان عند الرجل «الصحيحان»، أو أحدهما، أو كتاب من سنن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - موثوق بما فيه= فهل له أن يفتي بما يجده فيه؟ فقالت طائفة من المتأخرين: ليس له ذلك، لأنه قد يكون منسوخًا، أو له معارض، أو يُفهَم من دلالته خلافُ ما يدل عليه، أو يكون أمرَ ندبٍ فيفهم منه الإيجاب، أو يكون عامًّا له مخصِّص، أو مطلقًا له مقيِّد. فلا يجوز له العمل ولا الفتيا به حتى يسأل أهل الفقه والفتيا.

وقالت طائفة: بل له أن يعمل به، ويفتي به. بل يتعيَّن عليه، كما كان الصحابة يفعلون، إذا بلغهم الحديث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وحدَّث به بعضهم بعضًا بادروا إلى العمل به من غير توقُّف ولا بحث عن معارض، ولا يقول أحد منهم قط (٣): هل عمل بهذا فلان وفلان؟ ولو رأوا من يقول ذلك لأنكروا عليه أشدَّ الإنكار. وكذلك التابعون. وهذا معلوم بالضرورة لمن له أدنى خبرة بحال القوم وسيرتهم، وطول العهد بالسنَّة وبُعد الزمان وعتقها، لا يسوغ تركُ [العملِ بها والأخذُ] بغيرها (٤). ولو كانت سنن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -


(١) في النسخ المطبوعة: «بمذهبه».
(٢) في النسخ المطبوعة: «فإن الشافعي قد».
(٣) لاحظ استعمال «قط» لغير الزمان الماضي، وقد تقدم مثله.
(٤) ب: «ترك الأخذ بعينها»، ولعله تصحيح ما ورد في (ز، ك)، وما بين المعقوفين اقتراح لبعض قراء ك. وفي النسخ المطبوعة: «تركُ الأخذ بها والعمل بغيرها».