للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فصل

وأما قوله: «وإنه أباح للرجل أن يتزوج بأربع زوجات، ولم يُبِح للمرأة أن تتزوج بأكثر من زوج واحد»، فذلك من كمال حكمة الرب تعالى وإحسانه ورحمته بخلقه ورعاية مصالحهم. ويتعالى سبحانه عن خلاف ذلك، وينزَّه شرعه أن يأتي بغير هذا. ولو أبيح للمرأة أن تكون عند زوجين فأكثرَ لفسَد العالم، وضاعت الأنساب، وقتل الأزواج بعضهم بعضًا، وعظمت البلية، واشتدت الفتنة، وقامت سوق الحرب على ساق. وكيف يستقيم حال امرأة فيها شركاء متشاكسون؟ وكيف يستقيم حال الشركاء فيها؟ فمجيء الشريعة بما جاءت به من خلاف هذا من أعظم الأدلة على حكمة الشارع ورحمته وعنايته بخلقه.

فإن قيل: فكيف رُوعي جانبُ الرجل، وأُطلِق له أن يُسِيمَ طرفه ويقضي وطره، وينتقل من واحدة إلى واحدة بحسب شهوته وحاجته؛ وداعي المرأة داعيه، وشهوتها شهوته؟

قيل: لما كانت المرأة من عادتها أن تكون مخبَّأةً وراء (١) الخدور (٢)، محجوبة في كِسْرِ (٣) بيتها، [٢٩٩/ب] وكان مزاجها أبرد من مزاج الرجل، وحركتها الظاهرة والباطنة أقلَّ من حركته؛ وكان الرجل قد أعطي من القوة والحرارة التي هي سلطان الشهوة أكثرَ مما أعطيته المرأة، وبُلِي بما لم تُبْلَ


(١) في النسخ المطبوعة: «من وراء» بزيادة «من».
(٢) في المطبوع: «الخُدُر» بضم الخاء والدال!
(٣) كِسْر البيت: جانبه. وفي ع: «كِنّ»، وكذا في النسخ المطبوعة مع زيادة الواو قبل «محجوبة».