للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بمصالحه، وأحقُّ ما يثبت (١) عليه يدُ أشفقِ الناس عليه وأقومِهم بمصالحه، وثبوتُ يده ونظره لا ينافي وقفه لله، فإنه وقفَه لله وجعلَ نظره عليه ويده لله، فكلاهما قربة وطاعة، فكيف يُحرَم ثوابَ هذه القربة ويقال له: لا يصلح (٢) لك قربةُ الوقف إلا بحرمان قربة النظر والقيام بمصالح الوقف؟ فأيُّ نص وأيُّ قياس وأيُّ مصلحة وأيُّ غرضٍ للشارع أوجب ذلك؟ بل أي صاحب قال ذلك؟

فإن احتاج الواقف إلى ذلك في موضع لا يحكم فيه إلا بقول من يُبطِل الوقف إذا لم يخرجه عن يده وإذا شرط النظر لنفسه، فالحيلة في ذلك أن يفوِّض النظر إلى من يثق به ويجعل إليه تفويضَ النظر لمن شاء، فيقبل الناظر ذلك، ويصحُّ الوقف ويلزم، ثم يفوِّضه الناظر إليه، فإنه قد صار أجنبيًّا بمنزلة سائر الناس. فهذه حيلة صحيحة يتوصَّل بها إلى حق، فهي جائزة. وكذلك لو جعل النظر فيه للحاكم ثم فوَّضه الحاكم إليه، فإن خاف أن لا يفوِّضه الحاكم إليه فليملِّكه لمن يثق به، ويَقِفُه ذلك على ما يريد المملك، ويشترط (٣) أن يكون نظره له، وأن يكون تحت يده.

المثال السادس والأربعون: إذا وقف على نفسه ثم على غيره صح في أصحّ (٤) الروايتين عن الإمام أحمد، وهو قول أبي يوسف (٥) وهو قول


(١) ز: «ثبت».
(٢) في المطبوع: «يصح».
(٣) ك: «ويشرط».
(٤) في المطبوع: «إحدى».
(٥) بعدها في المطبوع زيادة: «وعليه عمل الحنفية». وليست في النسخ.