للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فيه، كما يخاف غيره من الشركاء والأحرار؟ فإذا لم ترضَوا ذلك لأنفسكم، فلِمَ عدلتم بي مِن خلقي مَن هو مملوك لي؟ فإن كان هذا الحكم باطلًا (١) في فِطَركم وعقولكم، مع أنه جائز عليكم، ممكن في حقِّكم؛ إذ ليس عبيدكم ملكًا لكم حقيقةً، وإنما هم إخوانكم، جعلهم الله تحت أيديكم، وأنتم وهم عباد (٢) لي= فكيف تستجيزون [٩٣/ب] مثل هذا الحكم في حقِّي، مع أنَّ مَن جعلتموهم لي شركاءَ عبيدي وملكي وخلقي؟ فهكذا يكون تفصيل الآيات لأولي العقول (٣).

فصل

ومنها: قوله تعالى: {ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا عَبْدًا مَمْلُوكًا لَا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ وَمَنْ رَزَقْنَاهُ مِنَّا رِزْقًا حَسَنًا فَهُوَ يُنْفِقُ مِنْهُ سِرًّا وَجَهْرًا هَلْ يَسْتَوُونَ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (٧٥) وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا أَبْكَمُ لَا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ وَهُوَ كَلٌّ عَلَى مَوْلَاهُ أَيْنَمَا يُوَجِّهْهُ لَا يَأْتِ بِخَيْرٍ هَلْ يَسْتَوِي هُوَ وَمَنْ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَهُوَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [النحل: ٧٥ - ٧٦].

هذان مثلان متضمِّنان قياسين من قياس العكس، وهو نفيُ الحكم لنفي علّتِه وموجِبه. فإن القياس نوعان: قياس طرد يقتضي إثباتَ الحكم في الفرع لثبوت علة الأصل فيه، وقياس عكس يقتضي نفيَ الحكم عن الفرع لنفي علَّةِ الحكم فيه.


(١) ح، ف: "فإنَّ هذا الحكم باطل".
(٢) في النسخ المطبوعة: "عبيد".
(٣) وانظر: "الداء والدواء" (ص ٣٢٠) و"مدارج السالكين" (١/ ٢٥٤).