للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بعدم الحنث لأنه لم يقصده، والناسي قد قصد التسليم عليه، وإن حنَّثنا الناسي هل يحنث هذا؟ على روايتين:

إحداهما: يحنث لأنه بمنزلة الناسي؛ إذ هو جاهل بكونه معهم.

والثانية ــ وهي أصح ــ: أنه لا يحنث، قاله أبو البركات (١) وغيره.

وهذا يدّل على أن الجاهل أعذرُ من الناسي، وأولى بعدم الحنث. وصرَّح به أصحاب الشافعي في الأيمان، ولكن تناقضوا كلهم في جعل الناسي في الصوم أولى بالعذر من الجاهل، ففطَّروا الجاهلَ دون الناسي. وسوَّى شيخنا بينهما، وقال (٢): الجاهل أولى بعدم الفطر من الناسي. فسَلِم من التناقض.

وقد سوَّوا بين الجاهل والناسي فيمن حمل النجاسة في الصلاة ناسيًا أو جاهلًا [١٦٣/أ] ولم يعلم حتى فرغ منها، فجعلوا الروايتين والقولين في الصورتين. وقد سوَّى الله سبحانه بين المخطئ والناسي في عدم المؤاخذة، وسوَّى بينهما النبي - صلى الله عليه وسلم - في قوله: «إن الله تجاوزَ لي عن أمتي الخطأَ والنسيانَ» (٣)، فالصواب التسوية بينهما.

فصل

وأما إذا فعل المحلوف عليه مُكرَهًا فعن أحمد روايتان منصوصتان، إحداهما: يحنث في الجميع، والثانية: لا يحنث في الجميع، وهما قولان


(١) في «المحرر» (٢/ ٨١).
(٢) «مجموع الفتاوى» (٢٠/ ٥٦٩ - ٥٧٣).
(٣) تقدم.