للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بأنه مهر مثلها. وهذا الشرط صحيح؛ لأنها لم ترضَ بالمسمَّى إلا بناء على قرارها في دارها، فإذا لم يسلّم لها ذلك وقد شرطت في مقابلته زيادةً جاز، وتكون تلك الزيادة في مقابلة ما فاتها من الغرض (١) الذي إنما أرخصت المهر ليسلّم لها، فإذا لم يسلِّم انتقلت إلى المهر الزائد.

وقد صرَّح أبو حنيفة بجواز مثل ذلك مع قولهم (٢) بأنه لا يصح اشتراط دارها ولا أن يتزوج عليها. وقد أغنى الله سبحانه عن هذه الحيلة بوجوب الوفاء بهذا الشرط الذي هو أحقُّ الشروط أن يُوفَى به وهو مقتضى الشرع والعقد (٣) والقياس الصحيح، فإن المرأة لم ترضَ ببذل بُضْعها للزوج إلا على هذا الشرط، ولو لم يجب الوفاء به لم يكن العقد عن تراضٍ، وكان إلزامًا لها بما لم تلتزمه (٤) وبما لم يُلزِمها الله ورسوله به، فلا نص ولا قياس، والله الموفّق.

المثال السادس: إذا خاصمته امرأته وقالت: قلْ «كل جاريةٍ أشتريها فهي حرة، وكل امرأةٍ أتزوجها فهي طالق»، فالحيلة في خلاصه أن يقول ذلك ويعني بالجارية السفينة، كقوله (٥) تعالى: {إِنَّا لَمَّا طَغَى الْمَاءُ حَمَلْنَاكُمْ فِي الْجَارِيَةِ} [الحاقة: ١١]، ويمسك بيده حصاة أو خرقةً ويقول: «فهي طالق» فيردُّ الكنايةَ إليها.


(١) ك: «العوض».
(٢) كذا في النسختين بضمير الجمع.
(٣) كذا في النسختين: «والعقد»، وهو صواب، وفي النسخ المطبوعة: «والعقل».
(٤) ز: «تلزمه».
(٥) ز: «لقوله».